تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



سر السعادة | الأمير كمال فرج


قضية من أهم القضايا التي تشغل بال الإنسان، فهي هاجسه الذي لا يهدأ وحلمه الذي لا يزول ، قد تكون أمامه ولكنه لا يراها ، وقد تكون قريبة منه ولكنه لا يعرف طريق الوصول إليها، إنها السعادة .. السعادة التي يبحث عنها الجميع، يركضون خلفها طوال العمر، وغالباً ما يمضي العمر بالكثيرين دون أن يجدوها، والسبب أن كثيراً ممن يركضون خلفها لا يعرفون كنه السعادة نفسها..!.

هناك من يجد السعادة في المال ، وهناك من يجدها في الذرية ، وهناك من يراها في النجاح، وهناك من يتصورها في الحب ، وهناك من يلفظ عرض الدنيا ويرى السعادة في الآخرة، وقد يتصورها شخص في أي شيء آخر غير هذا أو ذاك أو تلك.

وقد حاول الفلاسفة والحكماء على مر السنين أن يعرِّفوها فمنحوها آلاف التعريفات، فالسعادة ظلت دائماً نسبية تختلف حولها الآراء كل يعرِّفها من منظوره الخاص، ولم يستطيع شخص أن يجد تعريفاً محدداً لها، والمشكلة في كل الآراء التي طرحت حول السعادة أنها تعريفات مجازية معنوية بعيدة كل البعد عن الواقع الملموس والمعاش، ولا تتضمن طريقاً محدداً للوصل إليها.

والسعادة في رأيي هي حصول الإنسان على احتياجاته المادية والمعنوية ، فالإنسان خلق في هذه الحياة وقد حدد له الله من خلال تكوينه الجسمي والنفسي احتياجات معينة ، تتحقق السعادة بتوفرها وتتلاشى إذا نقضت ، وإذا طرحنا أمامنا هذه الاحتياجات وناقشنا سبل توفيرها سنجد أنها احتياجات بسيطة وليست معجزة يمكن تحقيقها لعدد كبير من أبناء المجتمع.

فالإنسان – أي إنسان- يريد العلم والعمل والنجاح والأسرة السعيدة والذرية الصالحة والحياة الكريمة، وهذا يمكن تحقيقه علمياً بسهولة إذا طبقنا العدل والتكاتف والتراحم في المجتمع، إن المشكلة تكمن أساساً في ظلم المجتمع الذي يحمِّل أبناءه فوق طاقاتهم من التبعات والمطالبات فيصعب بل ويستحيل عندها حصولهم على احتياجاتهم الضرورية .

الدولة إذا وفرت التعليم لكل الناس حتى الحرفيين منهم، واستحدثت أسلوباً جديداً لتيسير العلم استيعاباً وتحصيلاً للمواطنين ، وربطه بالحياة العملية المعاشة فبذلك تتحقق الحاجة العلمية والمعرفية المفيدة، فالعلم يمنح الإنسان القدرة على الحياة والقدرة على فهم السعادة الحقيقية.

وإذا تخرج الشاب ووجد فرصة في العمل والاسترزاق بدخل مناسب ستتحقق بذلك حاجة أخرى وهي حاجة إثبات الذات والحاجة المعنوية ، وإذا رغب في الزواج وتكوين أسرة ووجد ذلك متاحاً بأبسط التكاليف ستتحقق بذلك حاجة هامة وهي الحاجة الأسرية والبيولوجية ، وفي حياته العملية إذا وجد نظاماً وظيفياً عادلاً يقدر المجتهد ويرتقي بالكفء تتحقق بذلك حاجته إلى النجاح .

وإذا حاولنا تقدير هذه الأحلام البسيطة المشروعة للإنسان سنجد أنها يمكن أن تكون في متناول العديدين بشرط أن يرفع المجتمع يده الظالمة عن أبناءه، ويكون يداً حانية عليهم.

فالعلم نظراً لظروف عديدة مازال قاصراً عن إعداد الإنسان الإعداد الصحيح ، ونظام التعليم الآن نظام قاصر لا يساعده على إفادة الدارس وإمداده بمهارات تفيده في حياته العلمية، والدراسة الآن دراسة نظرية اضطرارية يتقبلها الشخص دون رغبة أو حب ، وكانت النتيجة انتشار الأمية من ناحية وعدم وجود فائدة عملية للعلم في الحياة ، ونسيان الطالب كل ما درسه بمجرد تخرجه، ولا يبقى – غالباً – في مخزون الذاكرة سوى القراءة والكتابة وبعض المعارف العامة .

وعندما يتخرج الطالب ويحاول أن يجد فرصته في العمل والكسب يصطدم بمعوقات هائلة كعدم وجود الوظائف والوساطة وغيرها من المعوقات التي تجهض حلمه البسيط المشروع في العمل، ويموت بذلك حلم آخر وأهم حلم .. الحياة الكريمة .

وإذا وجد الإنسان فرضاً الوظيفة وخاض حياته العملية سيصطدم أيضاً بنظام وظيفي روتيني حاد لا يعترف إلا بالسلالم الوظيفية. دون أي اعتبار للكفاءة والتميز والقدرات الخاصة، فيحترف بذلك الموت البطئ . وإذا أراد الزواج وبناء أسرة اصطدم بميراث ثقيل من المطالب المادية المرهقة.

وتبقى العوامل المعنوية الأخرى كالحب والعواطف والتذوق الجمالي وغيرها عوامل نفسية مساعدة لا يمكن أن تكون أساساً للسعادة ، لأن الفقير الجائع لن يستطيع الحب ، كذلك لن يستطيع تذوق لوحة جميلة، إن توفر احتياجاته الأساسية أولاً سيدفعه إلى الحب وإلى العاطفة والجمال وإلى كل المعاني الجميلة في الحياة.

إن المجتمع باستطاعته أن يوفر الحاجات الأساسية لأبنائه ويحقق بذلك السعادة في حياة العديد من البشر، فتكون هذه الحاجات الطبيعية للبشر هي السعادة الواقعية الملموسة ، وهي حاجات ليست مكلفة كما يظن البعض . حيث يمكن توفيرها بأبسط التكاليف فقط إذا قام المجتمع بواجبه .

من هذا يتضح أن جزءاً كبيراً من أبناء المجتمع يدخلون في حيز السعادة نظراً لتوفر هذه الاحتياجات لهم ، ولكن سبب شقاء الكثيرين منهم جهلهم بمفهوم السعادة وعدم قناعتهم بها، أما الجزء الآخر الذي لا تتوفر له هذه الاحتياجات فبوسعنا توفيرها بتحقيق هذا التكاتف الذي ننادي به.

القضية ليست قضية فقر أو غنى، فالفقير نسفه إذا وفرنا له حاجاته المادية والمعنوية البسيطة سيكون سعيداً بغض النظر عن المال، وسوف يتساوى عندئذ بالغني. لأن المال الإضافي الذي يملكه هذا الغني لن يضيف له شيئاً جديداً . مادام قد حصل على حاجاته الأساسية .

 السعادة شعور نصنعه أنا وأنت والآخرون .. يصنعه المجتمع ، فإذا قسا المجتمع على أبناءه شقوا ، وإن رأف بهم سعدوا ، وصدق الشاعر الذي قال:

نعيب زماننا والعيب فينا
وما لزماننا عيبٌ سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنبٍ
ولو نطق الزمانُ لنا هجانا

تاريخ الإضافة: 2014-04-14 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1143
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات