تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



الجبهة الهادئة | الأمير كمال فرج


نخطيء كثيرا في طريقة تعاملنا مع اليهود عامة والصهاينة خاصة، فمعظم الناس يتعاملون معهم وكأنهم شياطين.. رجس يجب تجنبه، مع أنهم في الحقيقة بشر ، يتميزون بما يتميز به البشر، فلهم نفس الأعين ونفس الأيدى ونفس العقل، إن نظرتنا الحالية لهم لا تخرج عن معاني الرفض والكره والازدراء والتجنب والمقاطعة، والبعض يتعامل معهم على أنهم "أحفاد القردة والخنازير"، وهذه الرؤية تحتاج برأيي إلى إعادة نظر.

ولا يفهم كلامي على أنها دعوة للتطبيع مع العدو الإسرائيلي، ولكن ما أرمى إليه يتكون من عنصرين أساسيين، الأول هو أهمية المعرفة التي أملتها حقيقة تاريخية هي "اعرف عدوك" ، والثاني هي المواجهة الفكرية التي هي عنصر لا غنى عنه في أي حرب.

الشعب الإسرائيلي مجموعة من الأعراق المختلفة التي جاءت من مناطق مختلفة متعددة الثقافات، فهناك اليهودي العربي، واليهودي الروسي، واليهودي الأوروبي، إلى آخرها من الأنواع، والمجتمع نفسه ينقسم إلى يهود شرقيين (السفرديم) ويهود أوروبيين (الإشكناز) ، وكل فئة جاءت من ثقافة مختلفة وطبيعة فكرية مختلفة، وهناك عداوة بينهما منذ زمن، وبغض النظر عن أي شيء هم بشر وليسوا حيوانات كما يصورهم البعض، لذلك فإن التأثير بهم وتغيير قناعاتهم واستقطابهم لمعسكر الاعتدال والسلام الذي يلتزم بإعادة الأرض إلى أصحابها واجب قومي ووطني وسلاح نهمله جميعا.

حتى لو قلنا أن المنطلق الذي يتحرك منه اليهود منطلق ديني، وأن إسرائيل في الأساس دولة دينية تريد اقتلاع الفلسطينيين أو حتى تهدف إلى السيطرة على العالم، وعللنا ذلك بمطالبة نتنياهو الفلسطينيين بالاعتراف بإسرائيل كدولة دينية.. حتى لو قلنا ذلك فإن سلاح مخاطبة هذا الفكر الخاطيء مازال في غمده، ولم يستخدم بعد، حتى أن البعض يحرم استخدام هذا السلاح، خوفا من شبهة التطبيع الذي يتساوى عند العرب بالخيانة.

هناك بعد آخر، وهو أن بعض اليهود يرفضون توجهات إسرائيل العدوانية والاستعمارية، بل أن بعضهم يؤكد أن إسرائيل كيان عنصري يسيء إلى الديانة اليهودية، إضافة إلى وجود فئة من الإسرائيليين تؤيد السلام وتعارض الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وتطالب بتطبيق حل الدولتين، وأن يكون للفلسطينيين وطنا قوميا مستقلا.

 ومن هؤلاء حركة "السلام الآن" الإسرائيلية وهي حركة احتجاجية داخل إسرائيل هدفها إقناع الشعب الإسرائيلي بان احتلال الأراضي الفلسطينية مرفوض، ويخرج أعضاء هذه الحركة في مظاهرات ضد الجدار العازل، ومصادرة الأراضي الفلسطينية، ويصاب بعضهم أحيانا بجراح، على أيدى جنود الاحتلال، ويتعرضون للبطش كما يتعرض زملائهم من المتظاهرين الفلسطينيين، والناشطين الأوروبيين.

أقول ذلك ليس لأجمل وجه الاحتلال الإسرائيلي القبيح، ولكني أرصد واقعا لا يعرفه البعض، وإن كانوا يعرفونه، فهم يتجاهلونه.. ، والنتيجة خلو المواجهات المستمرة الدبلوماسية والعسكرية والاجتماعية والثقافية، من المواجهة الفكرية.
لا أقصد بالمواجهة الفكرية التشهير بالعدو الإسرائيلي، وما يرتكبه من فظائع بحق الشعب الفلسطيني أمام العالم، على صعيد السياسة والكتابة ووسائل الإعلام، ولكن ما أعنيه مواجهة هذا الفكر نفسه في عقر داره بلغته العبرية، ومحاولة إلحاق الهزيمة بهذا الفكر.

حتى الدعوة الإسلامية التي هي ديدن العمل الإسلامي نمارسها في كل دول العالم، وفي الدول الأفريقية البعيدة، وفي أقاصي الأرض إلا إسرائيل، لذلك لم نسمع يوما عن يهودي أسلم، والسبب أن دعوة اليهود للإسلام ليست على قائمة المؤسسات الإسلامية، أو جمعيات توعية الجاليات، والسبب هذا الازدراء ذو التجهيز المسبق، والرعب من شيء اسمه "التطبيع".

يحدث هذا في الوقت الذي نسمع فيه الأخبار المتوالية عن إشهار مسيحيين هندوس وبوذيين ولادينيين وغيرهم لإسلامهم، لقد كان اليهود دائما خارج الدعوة الإسلامية، ولم نفكر يوما أن المواطن اليهودي بعقيدته المعقدة المهترئة والهشة لو عرض عليه الإسلام الحقيقي سيسلم، ويدرك أن الإسلام هو الدين الحق.

نفس الأمر كان على صعيد الصحافة والإعلام والتأليف والنشر، هناك تجنب تام وازدراء تام لكل ما هو إسرائيلي. بالطبع لا أقلل من دور المقاطعة كواجب وطني وقومي، حتى تحرر جميع الأراضي العربية، ولكن ما أريده ليس تطبيعا أو حوارا أو مناظرات فكرية مع العدو، ما أريده محاربة الفكر اليهودي المتعصب، والعمل على تغيير هذا الفكر بالحجة والمنطق والإعلام الايجابي الموجه.

وصل عدد الفضائيات العربية إلى 696 قناة حكومية وخاصة، وفقا لتقرير اتحاد إذاعات الدول العربية، ولا توجد منها قناة واحدة باللغة العبرية، ولا حتى بالفرنسية، مع وجود قلة قليلة بالإنجليزية، والسؤال الآن لماذا لا نطلق قناة باللغة العبرية تخاطب الداخل الإسرائيلي خاصة، واليهود في كل بقاع العالم عامة؟، قناة تعرف بالقضية الفلسطينية والقضايا العربية، وتعمل على تغيير وابتلاع الفكر الإسرائيلي المتطرف والمنحرف الذي يريد ابتلاع فلسطين.

هناك تجربة نفذتها قناة "النيل" للأخبار منذ سنوات عندما خصصت جزءا من برامجها بالعبرية، ولكن التجربة كما أعلم لم تستمر وشابتها عيوب كثيرة، وانتهت التجربة إلى لاشيء عندما توقفت هذه البرامج العبرية.

هناك عشرات القنوات الفضائية العربية التي تعني بالرقص، والتسالي والكلام الفارغ، ولا توجد قناة عبرية واحدة تشعل المعركة على جبهة الفكر. لقد كرهنا كعرب إسرائيل حتى لغتها "العبرية" كرهناها، وبالطبع نتفهم هذا الموقف الكاره الذي جاء نتيجة طبيعية لما تقترفه إسرائيل كل يوم في الأراضي المحتلة من قتل وتدمير واغتيال ومصادرة، ورغم أن العبرية تدرس في بعض أقسام كليات الآداب والألسن المصرية. إلا أن المعركة الفكرية مازالت مؤجلة ، وسيف الكلمة العربي مازال صدئا، نائما في الغمد.

كل الجبهات مشتعلة مع إسرائيل ، الجبهة السياسية والاقتصادية والإعلامية والدينية والعسكرية، ولكن هناك جبهة إستراتيجية مهمة، مازالت هادئة، ليس تسمع فيها إلا هفيف الرياح وصرير الرمال وطنين العجز والخوف والفشل، وهي جبهة الفكر.

هي جبهة من جبهات الحرب، نعم، .. ولكنها جبهة ميتة، وإن كانت ستبدأ في الاشتعال قريبا، ولكن للأسف من الجانب الإسرائيلي، حيث طرح المجلس الإسرائيلي للبث التلفزيوني بالكوابل والأقمار الاصطناعية مؤخرا عطاء لإنشاء قناة تلفزيونية تجارية باللغة العربية، يتم بثها مجاناً عبر جهاز الاستيعاب الرقمي، وهي الخطوة التي كان يجب أن نبادر بها نحن منذ سنوات طويلة.

ربما يكون مفهوم "الغزو الثقافي" التقليدي قد انتهى بعد انطلاق مرحلة الفضاء المفتوح والتطور التقني الهائل الذي كان أحد ثماره الإنترنت، ولكن هذا لا ينطبق على العدو الإسرائيلي المراوغ، لأن ثقافة الإسرائيلية كانت دائما لدينا مجهولة، غامضة، مريبة، كالطائرة التي لا تظهر على شاشات الرادار، يمكن أن تباغتك من أي جهة، وهنا مكمن الخطر، فكيف تحارب عدوا لا تعرف الطعام الذي يأكله، وهل ينام على الجنب اليمين أم اليسار.. ؟، كيف تحارب عدوا لا تتقن لغته وثقافته ومخططاته؟.

نقطة أخرى وهي أن تعدد الأعراق والمشارب والأصول في المجتمع الإسرائيلي يسهل المهمة، لأنك إذا واجهت شعبا ذو عقيدة واحدة متماسكة صلبة سيصعب تغييرها، ولكن إذا واجهت شعبا مختلف الثقافات والمستويات الاجتماعية والرؤى ومشكلات اجتماعية عميقة حول "الهوية"، يسهل عليك اختراقه والتأثير فيه، لأن هذا الاختلاف الذي يعرف به المجتمع الإسرائيلي أحد عوامل الضعف والهشاشة.

 فرغم مرور السنوات الطويلة على تجمع شتات هذا الشعب من بلدان مختلفة متباعدة، لم ينجح في إيجاد إطار مجتمعي واحد أو عقيدة أو كيان واحد ينتظم به، لذلك الساسة هناك يبحثون عن هذا الرابط لأنه بدونه ستتفكك إسرائيل كما يسيح لوح الثلج في ليلة صيف، والمخطط الذي لجأوا إليه أخيرا أن يكون الرابط هو الرابط الديني بادعاء أن إسرائيل دولة دينية، وأكاذيب يروجونها حول بناء الهيكل، وأنهم شعب الله المختار. إنهم يبحثون عن عقيدة حتى لو كانت وهمية تجمع وترمم هذا الشتات دون جدوى.

سلاح الفكر أهم من القنبلة النووية، والأسلحة البيولوجية، وهو سلاح يعبر الحدود دون الحاجة إلى جواسيس أو غزو عسكري، وهو يصل إلى العدو رغما عنه في عقر داره، وفي غرفة نومه، وهو قادر على التأثير في فكره ومعتقداته، وهو أيضا السلاح الوحيد الذي يقتل الأعداء، ويحقق النصر، ويحرر الأرض، ويفرض السلام دون إراقة قطرة دماء واحدة.



تاريخ الإضافة: 2014-04-14 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1025
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات