تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



الزمالة الفخرية


في العمل الصحفي هناك تقليد جميل وفريد لا تجده في مجالات العمل الأخرى، وهو أن رئيس التحرير عندما يخاطب محررا أو مخرجا فنيا أو مصححا لغويا أو أيًّا من الذين يعملون في صحيفته، كتابيا، يخاطبه بلقب "الزميل"، ينطبق ذلك إذا كان الخطاب الموجه منه، إلى شخصية قيادية أو مراسل صغير في قرية نائية، كما يسري ذلك إذا كان موضوع الخطاب تكليفا صحفيا، أو حتى تأنيبا أو حتى في حالات نادرة جزاء صحفيا.
عملت مع أربعة رؤساء تحرير كانوا جميعهم يخاطبونني بلقب "الزميل" في كافة التوجيهات التي تصدر عنهم، وكنت دائما أقدّر هذا الأسلوب الخاص والراقي في التعامل، والذي لا نجده إلا في الوسط الصحفي، وأتوقف كثيرا عند مدلولاته المهمة.
ومنذ فترة وردتني رسالة من أحد وزراء الإعلام الذي أعتز به، ردا على رسالة مني، ولا داعي للتصريح باسمه حتى لا يظن البعض أن شخصي الضعيف على معرفة وطيدة بعلية القوم، ورغم قصر الرسالة، إلا أن أبرز ما لفت نظري بها كان عبارة "الزميل الكريم". إذن فالمبدأ واحد، سواء أكان التوجيه من رئيس تحرير، أو من أعلى سلطة إعلامية في البلاد.
يحدث هذا رغم أن وزير الإعلام يرأس بسلطته الاعتبارية رؤساء التحرير، ورئيس التحرير بطبيعة عمله يرأس نظاماً كل من يعمل تحت إمرته. لذلك كله استوقفتني "الزمالة الصحفية" التي تنفرد بها الصحافة عن كافة القطاعات، وما تنطوي عليه هذه "الزمالة" من معانٍ جليلة.
الصحفي ليس موظفا، ولكنه شخص يؤدي عملا ينطوي على قدسية كبيرة، وإذا لم نستطع إلغاء صفة "الموظف" عن الصحفي لاعتبارات إدارية، فلنقل إذن إن حجم عمل الصحفي 85% رسالة، و15% وظيفة، فهو يعمل ضمن رسالة سامية ومعان جليلة، تتضمنها مهنة الصحافة، يحمل بين جوانحه دائما ضمير المجتمع ونبضه الحي، هو المرآة التي تكشف الواقع ومثالبه، وهو شرلوك هولمز الباحث الجنائي الذي يبحث دائما عن الأدلة يجمع شعرة هنا ، وظفرا مكسورا من هناك. يبحث عن شيء لا يرى بالعين المجردة اسمه "الحقيقة".
والزملاء في العمل الصحفي، وإن اختلفت مراكزهم الوظيفة "زملاء" في الرقابة على المجتمع، وهم وإن كانوا مختلفين من ناحية المواقع والمناصب، إلا أنهم يتحدون ويتساوون جميعا في الدور، وهو الرقابة على المجتمع والبحث عن الحقيقة، ففي ميدان المعركة يتساوى القائد والجندي، ورجل الاستخبارات وفرد الاستطلاع، والجندي الجالس على المدفع، .. الكل يحارب ، والكل مستعد للشهادة من أجل الوطن، .. الكل يعمل من أجل هدف واحد نبيل وهو النصر. ولا مجال هنا لرئيس ومرؤوس.
والعمل الصحفي يتضمن في طبيعته عنصرا هاما لا بد من توفره، وهو "الإبداع"، وللإبداع مقتضياته الخاصة التي تختلف تماما عن الأداء الوظيفي التقليدي، فمع تسليمنا أن الأداء الوظيفي له مستويات من الجودة والمهارة، إلا أن الإبداع في العمل الصحفي يستلزم قدرات خاصة يجب أن يتمتع بها الصحفي، كالخلق والتطوير والتوجيه والدعوة والتوعية والتنوير والتثوير والإيثار وبعد النظر.
الصحفي لا يقوم بعمل وظيفي تقليدي، ولكنه يساهم في صياغة عقل ووجدان أمة، .. يعمل في ميدان مختلف عن أروقة المكاتب، وقواعد الحضور والانصراف، فهو يمارس عمله في ميدان الفكر والثقافة والمعلومات والخطر والمسؤولية، هذه المسؤولية التي تجعل الصحفي يعمل 24 ساعة، .. في مكتبه، وفي الشارع، وفي البيت، .. حتى وهو نائم، يدور عقل الصحفي باحثا عن فكرة، أو خاطرة أو دليل، وهو في كل ذلك لا يكل أو يمل، حتى وإن ضاقت دروبه، ونزفت جراحه، واكفهرت ملامحه، .. يحلق كطائر العنقاء، كبندول الساعة الذي لا يتوقف أبدا.
و"الزمالة الصحفية" صيغة لم تحددها قوانين إدارية أو توجيهات شفهية، ولكنها صيغة عمل مبتكرة أملاها العرف الصحفي، وخبرات الأجيال المتراكمة التي عملت في بلاط صاحبة الجلالة، فليس هناك من وجّه باعتماد هذه "الصيغة" في الصحافة، ولكنه الحس الصحفي الجمعي النبيل في واقعه ومسؤولياته، ومن هنا كانت الأهمية، وكان الإنجاز.
والسؤال الآن.. لماذا لا تعمم تجربة "الزمالة الصحفية" التي ثبت نجاحها في قطاعات العمل الأخرى، لماذا لا نستبدل القواعد الوظيفية الروتينية، والتي تنحصر في "رئيس ومرؤوس" بالزمالة النبيلة التي يندرج في إطارها الجميع، لماذا لا نعلي من قيمة التآخي في العمل، ونؤسس لروح الفريق الواحد، ونؤكد على وحدة الجماعة، ليخرج العمل من طابعه التقليدي الجامد إلى طابع متجدد وأسمى وأشمل.
لماذا لا نطبق هذه الصيغة الجديدة في المصانع والمؤسسات والمدارس والجامعات ودواوين العمل الحكومية، لنبرز بذلك الهدف الأسمى من أي عمل وهو الإنتاج والتميز.
بذلك سندفع العمل العربي إلى آفاق جديدة، وتتراجع أمراض العمل الوظيفي المعروفة، كاللامبالاة، والإهمال، وعدم المسؤولية، والتفرقة بين العاملين، والسخط التاريخي على السلم الوظيفي، ونبرز بذلك قيمة العمل الجماعي ومفهوم الزمالة الفخرية الحقيقية.

تاريخ الإضافة: 2014-04-13 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1248
2      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات