تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



الريادة المصرية


الريادة المصرية

 

أؤمن أن الريادة المصرية عظيمة وغنية، وأن مصر لديها رصيد كبير في البنك الحضاري والفني والثقافي،  حتى لو انشغلت مصر بمشاكلها الداخلية والبحث عن قوتها اليومي، لسنوات، ستحتاج الأمم الأخرى إلى 100 عام أخرى على الأقل للحاق بمصر، ولكن من واجبنا أن نحافظ على هذه الريادة . ليس فقط لنا ، ولكن لأجيالنا المقبلة، ولمستقبل مصر الحضاري.

الريادة من الممكن لو استغلت جيدا أن لا تكون فقط مصدرا للفخر والاعتزاز ،  ولكن يمكن أن تكون أيضا مصدرا لزيادة الدخل، نحتاج إلى فكر تسويقي عال لتحويل ريادة مصر إلى منتج اقتصادي عام يعود بالنفع المادي على الوطن.

مجالات عدة مثل  في الآثار والفنون والثقافة والتاريخ يمكن أن تستغل لتحقيق عوائد ترفد خزينة الدولة، أعتقد أننا لو أعددنا دراسة لتعظيم ريادة مصر، وتفعيل البعد الاقتصادي لها سنجني الكثير.

الريادة المصرية مثلا يمكن أن تكون رافدا وعاملا للجذب السياحي من خلال استحداث عناصر سياحية جديدة تركز على هذا البعد.

ريادة مصر الفنية يمكن أن تترجم إلى غرض سياحي جديد اسمه "السياحة الفنية"، بإتاحة الفرصة للمجموعات السياحية العربية والأجنبية لحضور مثلا يوم تصوير أحد الأعمال الفنية والالتقاء مع نجوم العمل، والتعرف على كواليس هذا الفن.

في أحد الأيام تجمهر المواطنون والسياح في شارع طلعت حرب لمتابعة تصوير أحد الأفلام ، لاحظت انبهار للسياح العرب بالموضوع، وتطلعهم إلى المشهد، وردد بعض أطفال العائلة رغبتهم في مشاهدة نجمهم المصري المفضل.

لا يكفي أن نطمئن أن لدينا ريادة، ولكن علينا حماية هذه الريادة، خاصة وأن هناك دول عدة تعمل على الترويج لمعالمها الأثرية سواء بطرق مشروعة، أو غير مشروعة،  وتدفع الأموال الطائلة لشركات علاقات عامة دولية ، وشركات تنظم استفتاءات غير علمية،  لتدخل معالمها الأثرية قائمة عجائب الدنيا السبع، كما حدث في أحد السنوات من قبل شركة دولية نظمت استفتاء أخرجت بموجبه أهرامات الجيزة من قائمة عجائب الدنيا السبع لأن مصر لم تدفع، وأدخلت معلما تراثيا لدولة عربية دفعت عن طيب خاطر.

الريادة المصرية يجب أن تستمر وتتعاظم، ويتم حمايتها من خلال العديد من القوانين والإجراءات ، حتى لو كان في بعضها شيء من التعصب. مثل:

1ـ تحويل مسمى مصر من "دولة" إلى "أمة" ليكون اسم البلاد "الأمة المصرية.

2ـ  إقرار قوانين فورية للحفاظ على التراث الدرامي والسينمائي المصري، واتباع أحدث التقنيات للحفاظ على هذا التراث، ومضاعفة العقوبات الخاصة بالاعتداء عليه، أو الإضرار به.

3ـ منح الفنانين العرب والأجانب الذين يقدمون أعمالهم باللهجة المصرية امتيازات محددة فيما يتعلق بالعمل بالبلاد، كتخفيض الرسوم، والضرائب المستحقة عليهم .

4ـ منح المطربين العرب الذين يقدمون أغاني في حب مصر امتيازات معينة،  وتكريمهم التكريم اللائق، ومنح هذه الأعمال كافة الإمكانات الفنية، والعمل على تطويرها من حيث النص واللحن والتصوير، واستغلالها في الترويج السياحي   (هناك  أكثر من  100 أغنية في حب مصر قديمة وحديثة قدمها فنانون مصريون وعرب(.

5ـ اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على آثار مصر، وتغليظ العقوبة بحق المهربين، والاستعانة بالخبرات الدولية في مجالات التخزين والترميم والحفاظ عليها، واعتبار هذا الملف "هام جدا".

6ـ تفعيل آليات جديدة للبحث عن المواهب في مجالات الإبداع المختلفة، ومنحها الفرصة في الظهور لتكوين أجيال جديدة من المبدعين.

7ـ دعم النقابات الفنية، ومنحها أراض لإنشاء مقار يراعى فيها البعد المعماري لتكون معالم حضارية، وأن تكون  مدعمة بالأستديوهات ومراكز التدريب، ودور العرض، والترجمة، والإمكانات التي تحولها من مجرد عمل نقابي إلى مركز عالمي لتطوير المهنة، وعنصرا للجذب السياحي، ورعاية أبناء المهنة وأسرهم.

8ـ إنشاء هيئة عالمية لتسويق المنتج الحضاري المصري في بقاع العالم، تدعم بالكفاءات المصرية والعالمية، وبأقسام للترجمة، وشبكة للاتصالات، والإدارات الفنية التي تمكنها من أداء دورها بأسلوب عالمي.

9ـ  منح الفنان المصري أولوية في العمل في الإنتاج الحكومي  والخاص.

10ـ منح امتيازات معينة للأفلام والأعمال العربية والأجنبية التي تستعين بعدد معين من الممثلين أو الفنيين المصريين.

11ـ البدء في التخطيط لسلسلة مشروعات رائدة تواصل بها مصر إنجازاتها الحضارية مثل : إنشاء أكبر مسجد في العالم، إنشاء أعلى برج في العالم، .. الخ

 12ـ إنشاء جمعية مصرية دولية لأصدقاء مصر  بعنوان "أحباب مصر" تستهدف عضوية نصف المليار عضو من جميع أنحاء العالم كمرحلة أولى، تقدم هذه الجمعية لأعضائها من جميع الجنسيات وبلغاتهم كافة المعلومات عن مصر تقنيا، وتتواصل معهم على مدار العام، ليكونوا مقياسا عالميا حول مصر، والخدمات التي تقدمها السياحة المصرية.

ويمكن منح هؤلاء الأعضاء نسب خصم خاصة على رحلات مصر للطيران، وفي الفنادق المصرية، وعمل سحب أسبوعي على أسمائهم لتقديم رحلات سياحية مجانية لشخصين أو لعائلة..

 13ـ تطوير قطاعات الإنتاج الدرامي والتلفزيوني والسينمائي لكي تقوم بدورها في تأكيد الريادة المصرية، وأيضا تكون أحد مصادر الدخل الوطني، ودخول عصر الإنتاج السينمائي الضخم . كما تفعل بوليوود وهوليوود ، وغيرهما من عواصم الإنتاج السينمائي العالمي.

 

مصر والعالم :

 

هناك مرض يصيب القرنية يسمى "عتامة القرنية" ، وبسببه يرى المريض في زاوية معينة، ولا يرى في الزوايا الأخرى.

مصر والدول العربية أشبه بالمصاب بعتامة القرنية،  ففي العالم 190 دولة ، ولكن السياسة الخارجية المصرية لا تركز إلا على 10 دول .. وتتبعها في هذه الرؤية وسائل الإعلام ووزارات الثقافة والتعليم وغيرها ..

المتابع للإعلام المصري وأيضا العربي سيكتشف أنه لا يوجد في العالم سوى أوروبا وليت كل أوروبا ـ بعض الدول وأمريكا وبلاد أخرى قليلة.

لقد أهملنا 80% من دول العالم، واقتصرت علاقاتنا معها على الإجراءات البروتوكولية،  كالتهنئة بمناسبة العيد القومي، حتى هذه أخشى أن لا تكون وزارة الخارجية تقوم بها.

لقد أهملنا دول أميركا اللاتينية التي يربو عدد سكانها على 600 مليون نسمة، حتى إفريقيا عمقنا الجغرافي  والإقليمي أهملناها، فلم يعد المواطن العادي يعرف ماهي عاصمة تشاد أو أرتيريا ؟.

يجب أن تفعِّل مصر علاقاتها مع كل الدول، وتعيد علاقتها بالدول التي ليس لها معها علاقات مثل إيران، وأن تمد  الجسور الثقافية والإعلامية والاقتصادية مع جميع دول العالم، وأن نتوقف عن اعتبار العالم مجموعة دول أوروبية مع أميركا.

 

العلاقات المصرية العربية:

 

العلاقات العربية المصرية علاقات راسخة أصيلة، ومصر تعتز دائما بهويتها العربية، كما تعتز بهويتها الإسلامية،  وقد وقفت على مر التاريخ مع أمتها العربية، وضحت بالغال والنفيس من أجل القضية الفلسطينية وأمن العرب،  ولكن هذه العلاقة اعتمدت في كثير من الأحيان على المجاملة.. لم تتسم العلاقات المصرية العربية بالصراحة والمكاشفة، وكان من نتيجة ذلك أنها كانت معرضة دائما للاهتزاز مع أول مشكلة.

رغم الوشائج العميقة التي تربط مصر بعالمها العربي، ورغم جهود مصر الكبيرة في الدفاع عن الدول الشقيقة، والتي تخطت مرحلة الكلام والتصريحات إلى الدخول في حروب أربعة ضد إسرائيل، وتحريك الفرق والكتائب للدفاع عن أمن الخليج أبان الغزو العراقي للكويت.

رغم أن مصر هي في الحقيقة حجر الزاوية في الدفاع عن أمن الخليج، ورغم ماقدمته مصر فعليا للحفاظ على هذا الأمن، إلا أنها لم تجد من أشقائها العرب الدعم الكافي بعد الثورة، والدليل على ذلك عزوف الدول العربية عن دعم مصر للخروج من الوضع الاقتصادي الصعب الذي دخلت فيه، والذي نتج عن خسائر السياحة، وتراجع البورصة وانخفاض الاحتياطي الأجنبي، وتعثر عجلة الإنتاج.

ورغم المواقف المشرفة لبعض الدول العربية الشقيقة التي بادرت بتخصيص مبالغ لدعم الاقتصاد المصري إلا أن هذه المبالغ تعتبر قليلة جدا، خاصة وأن معظمها مخصص للاستثمارات ، وليس مخصصا للدعم المباشر.

يجب أن نعترف بحالة التوجس في العلاقات المصرية العربية، والتي نشأت بعد الثورة، قد يكون السبب الخوف الطبيعي من امتداد الثورة المصرية وتأثيراتها على أنظمة الحكم العربية، وقد يكون السبب محاكمة مبارك الصديق الوفي لزعماء الخليج، ومهما كان السبب فإن المحصلة أن العرب لم يقفوا مع مصر، رغم محاولتهم إظهار عكس ذلك.

 الدول العربية الشقيقة تنكرت لمصر، مصر التي أعطت بلا حساب، وشيَّدت وعلَّمت، وساندت حركات التحرر، وخاضت الحروب من أجل القضايا العربية، هاهي وحيدة أبية صامدة في معركتها النبيلة من أجل الحرية.

وحتى شهر ديسمبر 2011 أي ما يقرب من عام على الثورة  كان إجمالى المساعدات العربية التي أعلنت عنها الدول العربية لمصر عشرة ونصف مليار دولار، ولكن لم تتسلم مصر منها سوى مليار دولار  فقط، منها 500 مليون من السعودية التي وعدت بـ 7ر3 مليار، و500 مليون دولار من قطر التي وعدت باستثمارات قدرها 10 مليار دولار، بينما لم تتسلم أي مبلغ من الإمارات التي وعدت بـ 3 مليارات دولار.

وفي الوقت نفسه الذي تمتنع فيه الدول الخليجية عن تقديم الدعم المناسب لمصر، تخصص 20 مليار لدعم "البحرين"، و10 مليارات أخرى لدعم الأردن، والمغرب.

ومع أننا نتمنى الخير للجميع، لن نخجل من وضع علامة استفهام تاريخية كبيرة، والتذكير بموقفين الأول لـ "مصر" التي وقفت مع دول الخليج وحافظت على أمنه، عقب الغزو العرقي للكويت، والثاني لـ "الأردن" في عهد الملك حسين والد الملك الحالي عبدالله بن الحسين الذي انحاز لصدام حسين في موقف مخزي سجله التاريخ.

ولكن ما حدث أن دول الخليج امتنعت عن دعم مصر التي وقفت معها، وسارعت لدعم الأردن الذي وقفت من قبل ضدها، ليس ذلك فقط ، ولكن قررت ضمها أيضا لمجلس التعاون الخليجي.

مجموعة الثمانية قررت 35 مليار لمصر وتونس، ولم يأت شيء، وأمريكا قررت 2 وربع مليار في شكل منح ودعم لم يأت شيء، ولن نلوم الغرباء، ولكن اللوم الحقيقي للعرب.

مصر التي وقفت مع الجميع . لا يقف معها الآن أحد، "أم العرب" لم تجد من أبنائها إلا الجحود، لم تجد إلا الكلام المعسول، ووعود من الثلج لا يطلع عليها النهار.

كنت أتوقع أن يضع العرب المليارات  تحت تصرف مصر لمساندتها على النهوض من الأزمة الاقتصادية بعد الثورة، ولكن خاب الأمل.

كنت أتوقع أن يقدم العرب دعما لا محدودا لمصر، لأن قوة مصر قوة للعرب، وضعف مصر ضعف للعرب،، كنت أنتظر أن يرد العرب جميل مصر التي حافظت على أمن الخليج، ولكنهم حاولوا أن يردوا الجميل لمبارك وليس لمصر.

لقد قررت الدول الأوروبية شطب نصف ديون اليونان تقدر بـ 100 مليار يورو، وذلك مساعدة لها على اجتياز أزمتها المالية، موقف تاريخي يؤكد أن الوحدة الأوروبية ليست حبرا على ورق، ولكنها وحدة عالمية رائدة، وركيزة هامة يمكن أن تكون أساسا للوحدة العالمية.

كان من المنتظر أن تقف الدول العربية الشقيقة مع مصر، كما وقفت الدول الأوروبية  ـ ولازالت تقف ـ مع اليونان للخروج من أزمتها الاقتصادية. كان من المنتظر الآتي:

1ـ الإعلان عن دعم الدول العربية للثورة المصرية ومطالب الشعب المصري المشروعة.

2ـ تخصص الدول العربية 40 مليار دولار لدعم الخزينة المصرية، بعضها منحة لا ترد، والبعض الآخر في صورة ودائع في البنك المركزي، والبعض الثالث استثمارات مباشرة تدفع عجلة الإنتاج.

3ـ  منح العامل المصري الأولوية  في العمل في الدول العربية.

4ـ منح المصريين تأشيرات الدخول في المطارات، وإعفائهم من شرط الحصول على تأشيرة مسبقة.

5ـ منح المصريين تسهيلات خاصة في مجالات الاستثمار في الدول العربية

كان من المنتظر الكثير.. ولكن ..

لن تشحذ مصر من العرب، ولن تخضع لابتزاز البعض، وأيضا لن تستغل أشقائها العرب، وتبتزهم كما فعل صدام حسين الذي ابتزهم لسنوات طويلة مدعيا أنه حامي حمى الجبهة العربية ضد إيران.

علاقتنا مع الدول العربية الشقيقة يجب أن تكون صريحة وشفافة، وأن تراعي مصلحة مصر، وننتظر من الدول الشقيقة رد الجميل الذي لم يرد حتى الآن.

يجب على الدول العربية الشقيقة التوقف عن الكلام الجميل، والحديث عن الأخوة، والوشائج، والصلات، والمصير المشترك، وعدم إهدار الفرصة التاريخية،  وأن يبدأوا فعليا في الدعم الاقتصادي لمصر، قبل فوات الأوان.

وفي كل الأحوال يجب أن تبحث مصر عن مصالحها، لأنك إذا لم تحافظ على مصلحتك، لن تكون قادرا على الدفاع عن مصالح الآخرين.

 

العلاقات المصرية الأميركية

 

انحاز الرئيس السابق إلى أميركا، وبالتدريج تخطى الأمر مرحلة الإنحياز، وأصبحت مصر أكبر دولة عربية ذراع أميركا في المنطقة، ونظرا لأن أميركا كانت ترادف في كثير من الأحيان إسرائيل، كانت النتيجة أنه وجد نفسه بإرادته ـ أو حتى بدون إرادة  ـ تابعا "بالتبعية" إلى إسرائيل.

"مصر" التي كانت سيف الأمة في مواجهة الأعداء، أصبحت بالهيمنة الأميركية النصل المغروس في جسد الأمة.

 لم ينظر مبارك يوما إلى مصلحة مصر الكبرى، لم تكن لديه رؤية سياسية أو حتى شخصية، كانت رؤيته انتهازية ، عندما قرر الانحياز للقوة الأكبر في العالم، معتقدا أن ذلك ضمانة لاستمرار حكم، وضمانة لتوريث ابنه، دون اعتبار للمباديء أو القيم.

نسى النظام المصري السابق حركة عدم الانحياز التي كانت مصر من الدول المؤسسة لها، ووضع مصر كلها في المعسكر الأميركي، فبدت مصر في كثير من الأحيان وكأنها الولاية الأميركية الـ 53.

رغم اختلافنا مع بعض السياسات الأميركية، لن نلومها، فالشعب الأميركي شعب صديق، والتجربة الأميركية كانت نموذجا فريدا للتعددية، والنجاح، والعدالة الاجتماعية، ولكن اعتراضنا ينصب على السياسة الأميركية التي يتحكم فيها لوبي يهودي ضارب في الجذور، ومصالح وشركات عابرة للقارات، والأميركيون أنفسهم يعلمون هذه الحقيقة.

أميركا تعمل لمصلحتها .. ، ولا نملك أن نلومها على ذلك، لا يجب أن ننتظر أن تعمل لمصلحتنا، فهذا مخالف للمنطق العام، المنطق يقول أن كل شخص يعمل لمصلحته ، المشكلة فينا نحن، فالعالم العربي اعتقد على مر عقود أن أميركا راعية السلام، وأنها ستعمل لمصلحتنا ، وتعيد لنا القدس الشريف، لن نلوم أميركا ، ولكن ما يجب أن نفعله هو أن نعمل نحن أيضا لمصلحتنا.

لن نعادي أميركا .. ليس خوفا منها، أو تنفيذا للطلب الذي ورد على لسان مسؤولة أميركية التي اشترطت أن لا يعادي  نظام الحكم الجديد في مصر أميركا، ولكن لأن "العداء" كلمة لا وجود لها في قاموس العالم الجديد. والحوار هي العملة الوحيدة القابلة للتداول في هذا الكوكب الذي يجمعنا .

 علاقتنا مع أميركا ستعود إلى وضعها الطبيعي كدولة صديقة، دون تبعية، أو انحياز، سنتعامل معها كما نتعامل مع صديق مريض، وننتظر حتى يتعافى، ستكون علاقتنا معها ـ كعلاقتنا مع كل الدول ـ علاقة ندية أساسها المصالح.

ستستعيد مصر موقعها كدولة غير منحازة، لا تنحاز لطرف تجاه طرف، لن تكون تابعة لأحد،على العكس سيتبعها الآخرون عندما تقدم تجربتها الإصلاحية الكبرى للعالم الذي يحتاج إلى ثورة تصحيح بعد عقود من الحروب، والنزاعات، والسياسة غير الأخلاقية.

 

العلاقات المصرية الإسرائيلية

 

رغم معاهدة السلام ظل الشعب المصري رافضا للتطبيع أكثر من 33 عاما، وهذا يؤكد أن الصراع العربي الإسرائيلي صراع نفسي في الأساس، فلا يوجد بيت مصري إلا وفيه أحد الشهداء الذين سقطوا في الحروب الكثيرة التي وقعت بين مصر وإسرائيل، سواء أكانت في الحروب الرئيسية المباشرة الأربعة،  أو المواجهات الأخرى الكثيرة التي كانت في شكل حروب أو عمليات أو اعتداءات إسرائيلية على الحدود  سقط فيها عشرات المصريين.

السبب الآخر المهم في الموقف الشعبي المصري "الكاره" لإسرائيل هو احتلال فلسطين، والسياسة العدائية التي تنتهجها في التعامل مع الفلسطينيين، والدول العربية.

ولكن رغم الصلف الإسرائيلي، فإن الحروب لن تجدي في التعامل معها. لقد ولَّى زمن الحرب منذ سنوات طويلة، ومضى أيضا قطار السلام الذي انتظر طويلا ثم انطلق دون ركاب.

سنحافظ على معاهدة السلام ، ونمارس الضغوط الاقتصادية على إسرائيل، وأميركا ، والأطراف الفاعلة في عملية السلام.

لن تكون العلاقات المصرية الإسرائيلية علاقات ودودة كما كانت في ظل النظام السابق، والتي وصلت إلى حد مدح مواطنين إسرائيليين للرئيس السابق مبارك، "لدوره في حماية إسرائيل"، ووصف نتانياهو العلاقات المصرية الإسرائيلية بأنها "علاقات وطيدة"

سوف تكون مصر رغم معاهدة السلام خصما لدودا لإسرائيل يكبح أحلامه التوسعية، كما تحاول أن تفعل تركيا، لن يكون لإسرائيل الحق في أن تعربد في المنطقة متحدة القوانين الدولية تحت سمع وبصر العالم، ودعم استثنائي غير عقلاني من الغرب، وسوف نستخدم في مواجهتها كل الوسائل الدبلوماسية والقانونية .. كما تفعل تركيا الآن.

الاحتلال سيزول .. عاجلا أم آجلا لأنه ضد تطور الحياة، وكلما تأخر التحرير كانت الفاتورة باهظة على المحتل الإسرائيلي أولا، وعلى الفلسطينيين ثانيا.

وتحرير القدس والأراضي الفلسطينية لن يتم بالحروب، ولكن سيتم بالأسلحة الاقتصادية، والسياسية، والدبلوماسية، والضغط الشعبي من الخارج والداخل.

لا يمكن لأحد إنكار الثمن الكبير الذي دفعته مصر من أجل القضية الفلسطينية، لقد أعطت، وضحت، وتأثر اقتصادها، وهاجر أبناءها بسبب الحروب، بينما لم يفعل تجار الشعارات شيئا، وسوف تستمر مصر في نضالها من أجل القضية، ولكن لن تكون الحروب أحد وسائلها.

 

فيما يلي بعض عناصر المواجهة مع إسرائيل:

1ـ وقف تصدير الغاز لإسرائيل احتراما للرأي العام المصري الرافض لذلك، وسيتم ذلك عن طريق التفاهم المشترك تجنبا للتحكيم الدولي الذي يمكن أن يفرض على مصر غرامة باهظة، وفي حال فشل الاتفاق حول فسخ العقد . ستصر مصر على موقفها بوقف التصدير، وتدفع الفاتورة كاملة من صندوق الأموال المستردة.

2ـ  كشف وإعلان كافة أشكال التعاون التي وافق عليها  النظام السابق والعمل على إنهائها.

3ـ محاصرة إسرائيل في كافة المحافل الدولية، ومطالبة المجتمع الدولي بإدراجها في اتفاقية مع الانتشار النووي والكشف والتفتيش عن برنامجها النووي السري.

4ـ تكوين حلف دولي أخلاقي يرفض ازدواجية المعايير الدولية التي تحاصر إيران بسبب "الاشتباه" في امتلاكها لقنابل نووية، بينما تعطي الضوء الأخضر لإسرائيل التي تمتلك أكثر من 500 رأس، وتغض النظر عن القوى الكبرى، ومنها الولايات المتحدة التي تملك 1790 رأسا نوويا حتى ديسمبر 2011

5ـ التهديد بدخول السباق النووي في حالة استمرت هذه الازدواجية، ومطالبة العالم بمنع السلاح النووي على كوكب الأرض.

 6ـ الحرب الفكرية والإعلامية بتعريف الشعب الإسرائيلي بحقيقة الاحتلال الاسرائيلي، لكي يتحول إلى تأييد حقوق الشعب الفلسطيني ، ويكون عامل ضغط على حكومته.

تاريخ الإضافة: 2014-04-11 تعليق: 0 عدد المشاهدات :799
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات