تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



ورق سلوفان | الأمير كمال فرج


وقف الرجل الثلاثيني بذقنه الكثيفة يتحدث للقناة الفضائية العربية، قائلا "لن نرحل. إما أن يعود الدكتور مرسي، أو نكون شهداء"، دعك من شكل الرجل الذي يعكس طبقتة الاجتماعية، وثقافته المتوسطة الظاهرة من سياق الكلام، ولكن ركز على الجهل الديني الفاضح الواضح في لفظة "شهداء".

الحديث الذي جعلته القناة "تترا" يذاع من حين لآخر يقدم نموذجا ـ للمسلمين عامة والمصريين خاصة ـ من ضحايا الدجل الديني الذي راج في السنوات الأخيرة، وأوقع في حبائله الكثيرين.

بالطبع لم يتح لنا هذا المقطع الصغير الفرصة للتعرف على شخصية المتحدث، ومستواه الاجتماعي، لأن البيئة الاجتماعية والنفسية لها دور مهم في تكوين المعتقدات، ولكن المشكلة الأساسية هنا ابتذال كلمة "الشهادة" عظيمة القدر في الاسلام، بهذا الشكل على أيدي الجهلاء، والمتطرفين، وأنصار تيارات الاسلام السياسي .

لقد وضع الله تعالى قواعد للشهادة، ولكن النصابين حرفوها ـ كما حرفوا أشياء عدة في الدين ـ وفقا لأهوائهم، وأمزجتهم، فأصبح "البلطجي" المُسْتأجَر الذي قتل في مظاهرة .. شهيدا، وصار "اللص" الذي تسلل لسرقة خيام المعتصمين، فأمسكوه فقتل .. شهيدا، وبات الإرهابي المرتزق الذي يفخخ السيارات، ويذبح الأبرياء.. شهيدا.. حتى غير المسلمين أصبحوا ـ عند اللزوم ـ "شهداء"، وتفاقم الأمر حتى وصل إلى اعتبار من يقوم بعملية انتحارية فيفجر جسده في الأبرياء .. شهيدا.

صورة أخرى نقلتها مواقع التواصل الاجتماعي لسيدات من المعتصمات في منطقة "رابعة العدوية" التي يتخذها "الإخوان" مرتكزا لاحتجاجاتهم وإرهابهم ضد الدولة المصرية. السيدات يحملن أكفانا بيضاء، ومعهن أطفال صغار يحملون نفس الشيء .. أكفانا بيضاء .

بالطبع هؤلاء السيدات لا يقصدن الشهادة، ولا يحزنون، ويمكنك التأكد من ذلك بإلقاء "فأر" عليهن وسترى ما سيحدث. ولكنها تعكس الأمية الاجتماعية والدينية التي تعاني منها هذه الفئة من المجتمع.

وإذا كان البالغ العاقل يملك قراره، فله أن يختار بين هذا وذاك، فإن الجريمة البشعة التي ارتكبها هؤلاء الجاهلات هي استغلال أطفالهن، وجعلهن يظهرن أمام الكاميرات ـ رغما عنهم ـ وهم يحملون الأكفان، في صورة تتعارض مع كافة حقوق الطفل والإنسان بشكل عام .

اللافتات التي وضعها بعض أعضاء الإخوان والمكتوب عليها "مشروع شهيد" إعلان واضح وصريح بالنية في القتل، لا أحد يقتل أحدا "من الباب للطاق" لابد أنه سيخرج على القانون ليواجهه المجتمع. حتى لو كان ذلك الشهيد المفترض ضحية، فعليه أن يتبع الإجراءات القانونية للحصول على حقه ، لا أن يَقتُلْ وبالتالي يُقتل ليصبح شهيدا.

 حتى لو عرض هذا "التعيس" نفسه للقتل، فإنه سيكون منتحرا،  وفعله يقع تحت طائلة القانون البشري إن نجا، والإلهي سواء نجا أو مات. والاسلام عصم النفس البشرية، وحرم قتل الحيوان، والنبات، والطير بدون حق، ليس ذلك فقط بل حرم الإيذاء، حتى ولو آذى الانسان نفسه.

إذا تتبعت معي "شعارات الشهادة المزيفة" ستكتشف أنها لا تصدر إلا عن إرهابيين، أو متطرفين أو أنصاف المتعلمين، وأنصار الاسلامي السياسي ، حيث يستغل الدين في تحويل "المسلم" إلى قنبلة، أو حزام ناسف، أو سيارات مفخخة.

 في الدين الصحيح هؤلاء المخدوعون قتلة، يروعون الآمنين، ويفسدون المجتمع، حتى ولوكانت قضاياهم عادلة، لأن للحروب قواعد، وأخلاقيات، وفي أضعف الإيمان حكمه هو حكم من يلقي بنفسه في التهلكة، وهو أمر محرم في الاسلام.

نفس الأمر ينطبق على "الجهاد" وهو شعار آخر عظيم تم ابتذاله، استخدمه الجبناء في أغراض سياسية، فخدعوا به الآلاف من المسلمين الذين لبوا ـ بغباء ـ الدعوة، وسافروا إلى العراق، وأفغانستان، وسوريا، وماتوا أشنع ميتة. رغم أن للجهاد اشتراطات شرعية، أهمها صدوره من قبل ولي الأمر، أو رئيس الدولة، وليس من قبل عصابات إجرامية هنا أو هناك.

نجحت مصر في الثمانينات من محاصرة الإرهاب، الذي انتهى باغتيال السادات، وظللنا طوال هذه الأعوام نعاني من بقاياه الآتية من  دول الاتحاد السوفييتي السابق، ولكن للأسف في 2011 خرج لنا الإرهاب من تحت الأرض ليحكم البلاد، فأصبح القتلة والإرهابيون قيادات، ورؤساء أحزاب يتحدثون في البرامج الفضائية.

هذا المناخ الإرهابي الذي نعيشه منذ عامين جريمة منظمة تقع المسؤولية الرئيسية عنه على شيوخ الفتنة الذين باعوا ضمائرهم، وجعلوا من أنفسهم أبواقا في أيدي الطغاة، وراحوا يوزعون صكوك الجنة لمن يدفع أكثر، ويكفرون من يعارضهم،  استغلوا في ذلك جهل الناس، وتأثرهم بأي شعار ديني حتى ولو كان عنوان بقالة .

كما تقع المسؤولية على جماعات الاسلام السياسي ـ وعلى رأسها الإخوان ـ والتي روجت لهذه المفاهيم الخاطئة للحصول على السلطة. لقد كان صعود الإخوان وتوليهم الحكم في دول الربيع العربي مثل مصر، وتونس، وليبيا أكبر داعم للتيارات المتطرفة،  وقد رأينا النتيجة.

ولا ننكر مسؤولية القيادات الاسلامية العربية التي لم تقم بواجبها في مواجهة هذا التطرف الذي يتسلل من خلف الجدران، والمؤسات الدينية وعلى رأسها الأزهر الشريف التي قصَّرت في التعريف بالاسلام الوسطي المعتدل. فتصاعد التطرف.

إذا أردت أن تروج لأي منتج،  لا عليك سوى أن تغلفه بشعار ديني ، سيباع فورا حتى ولو كان فاسدا أو منتهي الصلاحية، حتى "الموت" يمكن تسويقه بتغليفه بورق سلوفان خادع اسمه "الشهادة".





تاريخ الإضافة: 2014-04-11 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1053
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات