تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



مسوغات تعيين | الأمير كمال فرج


ما هي المواصفات التي يجب توفرها في الحاكم؟.. الحاكم الذي سيدير البلاد والعباد، والذي سيعول عليه مستقبل الشعب، ويعقد الجميع عليه الأمل، الأمل في توفير الكساء والغذاء والدواء لعموم الناس، الحاكم الذي سيكون مسؤولا عن الكبير والصغير، الطفل والشاب والعجوز، الفتيات والسيدات والأرامل والثكالى، رب العائلة الكبير الذي يخفف عن الفقراء أحزانهم، وعن المرضى أوجاعهم، يوفر فرصة العمل الشريف للشباب والرجال والفتيات والسيدات، ويؤمن الحياة الكريمة لكافة فئات الشعب. يوفر الأمن للمواطنين، ويحمي حدود البلاد من الأعداء والغزاة والطامعين.

رئاسة الدولة في الأساس وظيفة، وشاغرها موظف في الدولة له حقوق وعليه التزامات، وإذا كان لكل وظيفة حكومية اشتراطات معينة، وهو ما يطلق عليه إداريا بـ"مسوغات التعيين"، وإذا كان على كل موظف التقدم بهذه المسوغات والخضوع لإجراءات مثل المقابلة الشخصية، والكشف الصحي، وكشف الهيئة، فما هي مسوغات تعيين رئيس الدولة؟.

ما هي المواصفات الصحية والنفسية والقدرات التي يجب توفرها في السيد الرئيس .. السلطان .. الملك.. الخليفة .. الحاكم بأمر الله الذي لا ترد له كلمه، يبتسم فتتطلع العيون، ويغضب فترتعد الأفئدة، إذا أصدر أمرا فهو الأمر الرشيد، وعلى الجميع السمع والطاعة، وإذا قال رأيا فهو الرأي السديد المنزه عن الخطأ، ولا يستطيع أحد أن يجادله، إذا عدل أسعد، وإذا بطش ظلم.

والحاكم أي حاكم بشر، لا يزيد قدما أو عينا، "ليس على رأسه ريشة" وفقا للتعبير الشعبي، يحزن ويمرض ويموت، ويتم دفنه ككل البشر، ولكن المهمة التي يقوم بها تستلزم أن يكون متمتعا بالصحة العقلية والنفسية، لا يعاني من عاهة أو مرض يعيقه عن أداء مهمته، وفي الطب هناك أمراض معينة تؤثر على الإدراك والكفاءة، كالغيبوبة، والجنون، والخرف، والزهايمر، وذهاب العقل.

وعدم توفر الشرط الصحي في الحاكم يتسبب في عدم أدائه لعمله بالشكل الصحيح، فقد يصدر الرئيس قرارا خاطئا بسبب المرض، وغياب الوعي، والعقل، ويعرض بذلك البلاد للخطر.

وهناك أيضا مقومات أخلاقية يجب أن يتميز بها الحاكم، فالحاكم يجب أنه يتميز بالعدل والاحترام، والخلق، والشرف، والكرامة، والوطنية، والأمانة، والانضباط، والنزاهة وطهارة اليد، والمروءة، والشهامة، والشجاعة، والسمعة الطيبة، والإيثار، والحكمة، والمنطق، والتمسك بالمبادئ والقيم وحقوق الإنسان.

فلا يصح أن يكون الحاكم خبيثا، مرائيا، كاذبا، وضيعا، ضعيف الشخصية، هازئا، موتورا، انتهازيا، دنيئا، يتأثر بمن حوله، سهل الانقياد، لأن صفة واحدة من هذه المثالب تتسبب في ضياع البلاد والعباد، وتقود البلد بسرعة الصاروخ إلى الهاوية.

وهناك أيضا مقومات خاصة يجب أن يتمتع بها الحاكم، منها أن يكون متعلما، ذكيا، متفوقا، ملما بالعلوم، والتاريخ، والإدارة، والسياسة الدولية، والتقنية، والمهارات، يتميز برجاحة العقل، والقدرة على اتخاذ القرار في الوقت المناسب، فلا يصح أن يكون الحاكم جاهلا، بليدا، غبيا، رجعيا، منغلق التفكير، مهزوزا غير قادر على اتخاذ أبسط القرارات.

الحاكم الحقيقي ليس مجرد موظف يحضر الاجتماعات والقمم والمؤتمرات الدولية، ولكنه شخص يملك رؤية لشعبه، وبرنامجا سياسيا واضح المعالم، وأهداف مرحلية يجب تحقيقها، ولكن الواقع السياسي يقول إن الكثير من الرؤساء من فئة الرؤساء الموظفين، يخطب، ويسافر، ويحضر الاجتماعات والقمم، دون رؤية أو هدف أو نظرية، وهذه النوعية من الرؤساء هي أسوأ نوعية، لأن الرئيس الموظف حاله كحال موظفي القطاع العام، لا هدف لهم إلا الراتب آخر الشهر.

 شهد التاريخ العربي العديد من الحكام الذين جمعوا بين الإيمان، والورع، والتقوى، والزهد، والإخلاص، والقوة، والبأس، وقوة الشكيمة، وحققوا لشعوبهم الأمن والطمأنينة، وكانوا مثلا يحتذى للحكم الرشيد، وقد تحدثت كتب التاريخ عن صفات الحاكم، واقتصرت جميعها على الجانب الأخلاقي، ولم تتطرق إلى الجانب الصحي والنفسي والمهاري
والمتابع للتاريخ العربي والعالمي يكتشف أن اختيار الحاكم كان في معظم الأحوال يتم عن طريق الصدفة أو المبايعة، أو الاتفاق، أو الانتخابات، أو الثورات، أو الانقلابات، وعلى مر التاريخ لم يفكر أحد في تحديد اشتراطات معينة تتم مراعاتها عند اختيار الحاكم.

الأمر الآخر، هو أن الموظفين حسب النظام الوظيفي يحالون في سن معينة هي سن الستين إلى المعاش، فما هو سن معاش السيد الرئيس، ولماذا يظل يمارس عمله في بعض البلدان حتى وهو في أرذل العمر.

التاريخ العربي والعالمي يقدم لنا نماذج من الحكام ظلوا يمارسون الحكم وهم في حالات مرضية متقدمة، ولكنهم رغم ذلك ظلوا متشبثين بالكرسي حتى نزعهم عنه بالقوة عزرائيل.

وهذا الوضع يمكن تقسيمه هنا إلى حالتين، حالة الحاكم الذي يتمسك بالحكم حتى اللحظة الأخيرة، وهي بلا شك الحالة الأعم، فلا يوجد في تاريخنا العربي على سبيل المثال حالات للتنازل أو التنحي عن الحكم، سوى حالة الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذي أعلن تنحيه عن الحكم بعد نكسة 1967، وحالة الرئيس السوداني الأسبق سوار الذهب الذي تنازل عن الحكم لحكومة مدنية.

وتعتبر قضية تنحي الرئيس أو تقاعده في العالم العربي إشكالية خاصة، حيث بلغ حب السلطة والتشبث بها مبلغا عظيما، وفي الوقت الذي نرى في الغرب الرئيس أو الوزير أو المسؤول يتقاعد، فإن تقاعد الحكام في العالم العربي ضرب من ضروب المستحيل.

وإذا فرضنا أن الرئيس يريد أن يتقاعد، فإنه لن يتمكن في بعض الأحيان من ذلك، والسبب طابور طويل من المنتفعين الذين سيفقدون سلطاتهم ووظائفهم بتنازل الرئيس، لذلك هم دائما يحاولون منع هذه الرغبة، وترميم السيد الرئيس حتى لو كان خشبة مسندة، لأن استمراره يعني استمرارهم، وتقاعده يعني تقاعدهم. وربما محاكمتهم.

يجب أن نثير قضية مواصفات الحاكم، والاشتراطات التي يجب أن تتوفر فيه، وبالطبع سينزعج الكثيرون، وسيكون ذلك أشبه بدخول عش الدبابير، ربنا يستر، إلا أن هناك حسنة واحدة آنية يمكن أن تتحقق، وهي أن نقاش القضية سيدفع الحكام الموظفين إلى الدراسة والعلم وتطوير المهارات لسد النقص الكبير بين الواقع والمثال، ففي غياب الامتحان لماذا يذاكر التلميذ؟.

ويبقى الأمل قائما صالحا للتحقق بعد 500 عام، عندما نرى الحاكم الحقيقي الذي يقدم ـ كأي موظف ـ مسوغات التعيين، ويتم اختياره وفق اشتراطات صحية ونفسية ومهارية مشددة.

تاريخ الإضافة: 2014-04-07 تعليق: 0 عدد المشاهدات :998
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات