تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



قنبلة مسيلة للدموع | الأمير كمال فرج


في الأنظمة الديموقراطية يعرف المواطن حقوقه، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فيعرف رئيس الدولة، والأحزاب، وانتماءاتها السياسية، ويعرف أيضا أسماء أعضاء الحكومة، ويملك الحق في الانتخاب والمعارضة وإبداء الرأي، ويمارس حقه في التعبير عن هذا الرأي بالسبل المشروعة، ومنها وسائل الإعلام والانتخاب والتظاهر والاحتجاجات السلمية.

في معظم الدول الغربية التظاهر حق طبيعي، والشوارع والميادين تشهد على مدار العام مئات المسيرات، يشارك فيها مواطنون وأجانب، ليس ذلك فقط، ولكن في بعض الدول أماكن مخصصة للتظاهر والاحتجاج، ففي لندن مثلا توجد حديقة الهايد بارك، التي تشتهر بوجود ما يسمى سبيكرز كورنر، وتعني زاوية المتكلمين، وهو مكان يجتمع فيه المتحدثون كل يوم أحد لإلقاء كلمة أو محاورة حول موضوع ما بكل حرية.

هل رأيتم كيف تقتحم فتاة عرضا للأزياء وهى تحمل لافتة اعتراضا على قتل الحيوانات، واستخدام جلودها لتكون معاطف فرو ثمينة للسيدات، هل رأيتم أفراد وجماعات المجتمع المدني وهي تتجمع وتتظاهر أمام مقر انعقاد مؤتمر الإيدز الذي عقد في فيينا مؤخرا، مرتدين الأقنعة والماسكات، حاملين اللافتات والشعارات التي تنادي بوقفة حاسمة ضد مرض الإيدز، منددين بتقاعس الحكومات العربية عن دعم مشاريع العلاج من المرض في الدول الفقيرة.

هل رأيتم تظاهرات الاحتجاج التي تحدث كل يوم في شوارع وميادين الدول الغربية للاحتجاج على قرار سياسي كتعامل بعض الشركات مع إسرائيل، والتنديد بالهجوم الإسرائيلي على غزة، أو إهمال بيئي كالاحتباس الحراري، أو تضامنا مع قضايا صحية أو انتخابية أو اقتصادية أو حتى سياسية.

أثناء زيارتي للعاصمة كوبنهاجن، وأثناء مروري في أحد الميادين وجدت مجموعة من الطلبة والطالبات الدنماركيين يفترشون أحد الميادين، ويجلسون في خيام بلاستيكية صغيرة، ويعلقون لافتات تنادي بتوفير مساكن ملائمة للطلاب، حيث يعاني الطلبة الدنماركيون من غلاء المساكن بشكل يعيق حصولهم على شقق سكنية أثناء الدراسة.

في الغرب التظاهر حق دستوري وأسلوب حضاري للتعبير عن مختلف القضايا المحلية والعالمية، حنجرة جديدة لإيصال صوت الشعب، حركة احتجاج مسرحية طريفة تتضمن إخراجا وقصة وسيناريو وملابس وأدوات .. الهدف منها الإعلان عن فكرة ما، ليس فقط الإعلان عنها، وإنما إقناع الناس بها.

هل تتذكرون السيدة التي واجهت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة بيدين ملطختين بالدماء، احتجاجا على الغزو الأميركي للعراق الذي قتل آلاف العراقيين ودمر دولة وهجر الملايين.

بعض هذه التظاهرات والاحتجاجات العالمية تتسم بالسلمية والطرافة، وبعضها قد يخرج عن السياق، أو النص حسب التعبير المسرحي، المهم أن هذا التظاهر في معظم الأحيان كان شيئا مألوفا وطبيعيا، لا يثير الذعر أو الخوف، والشرطة في معظم الأحيان يقتصر دورها على المتابعة من بعيد، أو المراقبة لعدم تحول الاحتجاج السلمي إلى عنف، وفي بعض الأحيان تعمل الشرطة على حماية المتظاهرين أنفسهم، ومساعدتهم على التعبير عن رأيهم.

أما في البعض الآخر تواجه الشرطة هذه التظاهرات برشاشات المياه والقنابل المسيلة للدموع والهراوات، وقد يصل الأمر إلى استخدام الرصاص لقمع المتظاهرين، كما حدث في إسرائيل والصين وإيران وقرغيزستان وغيرها.

وبغض النظر عن هدف الاحتجاج إيجابيا كان أم سلبيا، وبغض النظر أيضا عن كيفية تعامل الأجهزة الرسمية مع هذا الاحتجاج، عقلانيا كما يحدث في معظم الدول، أم غبيا كما يحدث في البعض الآخر، فإن التظاهر ظل حقا من حقوق الإنسان، كالحق في الصحة والتعليم والمعرفة.

أما في العالم العربي فالتظاهر يعتبر جريمة، معظم الدول العربية تمنع التظاهر، وتعاقب ممارسيه، والبعض الآخر يقر في دساتيره بأن التظاهر حق دستوري، ولكنه في الوقت نفسه يقمع المتظاهرين ويقابلهم بجنود الأمن المركزي وقوات مكافحة الشغب، ويصل الأمر أحيانا إلى التحرش، والضرب بالأيدي والأقدام، واستخدام الغازات المسيلة للدموع والاعتقال.

وإذا حاولنا النظر إلى أنماط المتظاهرين في العالم العربي، سنجد أنهم طلبة وأساتذة جامعات، ومواطنون، وربات بيوت، وموظفات، وعمال، وبرلمانيون، ومن الطريف أن نجد في هذه المظاهرات كافة الانتماءات، فتجد اليميني واليساري، والعصري والأصولي، كما تجد كافة الأزياء، المنقبة، والمحجبة، والفتيات الجميلات اللائي يرتدين الشورت.

التظاهر في العالم العربي يثير القلق والخوف والتوجس، فيقابل دائما بالقمع، ولا أدري ما السبب في ذلك، هل هو الخوف على السلطة؟، أم  الخوف على الأمن، فالتظاهر في نظر البعض قد يؤدي إلى انفلات أمني قد لا تحمد عقباه، أم أن المواطن المسحوق والمهمش اجتماعيا ـ في نظر البعض ـ ليس من حقه التظاهر، حيث يعتبر التظاهر هنا ترفا، في ظل غياب حقوق أكثر أهمية كالسكن والعمل ولقمة العيش.

أتمنى أن تعيد الأنظمة العربية النظر في "حق التظاهر" الذي هو حق من حقوق الإنسان، ولا بأس من إخضاعه لعملية تعريب حتى يتفق مع تقاليدنا السياسية والاجتماعية، وذلك بتقنينه من خلال وضع قواعد ومدد وأماكن، ويا ليتنا نستعير التجربة الإنجليزية الفريدة، ونخصص في كل عاصمة عربية "هايدبارك" يتمكن من خلالها المحتجون من التظاهر والخطابة وإبداء الرأي بحرية.

ستكون هذه بلاشك فرصة للشعب للتنفيس، والتعبير عن رأيه، والاستماع للرأي الآخر، أيضا ستكون فرصة للباعة الجائلين لبيع الشاي والساندوتشات على الجموع الغفيرة.
تاريخ الإضافة: 2014-04-07 تعليق: 0 عدد المشاهدات :950
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات