تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



دستور يا أسيادنا | الأمير كمال فرج


لا أدري حقيقة ما هي المرجعية الثقافية للتعبير الشعبي الذي يرد أحيانا على ألسنة البسطاء، وهو "دستور يأسيادنا"، وهي عبارة شعبية يقولها الشخص عندما يدخل مكانا جديدا، سواء أكان ساحة أو حيا أو منزلا، حيث يعتقد الكثيرون بسطوة الجن على الإنسان، ويؤمن أن قول هذه العبارة يكفل للمرء الوقاية من غضبهم وعقابهم، وكلنا نتذكر سيدة الكوميديا المصرية ماري منيب في أفلام الأبيض والأسود وهي تتفل في صدرها وتقول "أشتاتا أشتوت .. دستور يا أسيادنا".

كلمة "دَستور" تعني عند قائليها الاستئذان، وإعلان حسن النية، أما كلمة "أسياد" فتعني الجن، فالمواطنون البسطاء يعتقدون أن الجن ينقسمون إلى ملوك وأسياد، ولهم حظوة وسطوة، ومن الواجب رضاهم، والمعنى العام أن الشخص يريد اتقاء غضب الجن بإعلان وجوده وحسن نيته.

تذكرت هذه العبارة في هذه الأيام التي يدور فيها الجدل حول الدستور المصري الجديد، وذلك بعد استفتاء 19 مارس الذي تم على تعديل بعض مواد الدستور القديم، والذي انتهي بتأييد 77.2% من الناخبين للتعديلات، ومع تقديرنا لكل من قال "لا"، ومن قال "نعم"، فإن هذا الاستفتاء ـ رغم أنه تسبب في دخول مصر المتاهة  ـ فتح الباب لحديث أشمل وأعم عن دستور جديد للبلاد يواكب ثورة 25 يناير، والواقع الجديد الذي فرضته، وهو واقع وطني طموح مفرداته الأساسية هي الحرية، والديموقراطية، والعدالة الاجتماعية.

ولا أدري هل هناك علاقة بين لفظة "دَستور" الشعبية، ولفظة "الدُستور" الرسمية  وجمعها الدساتير. أم أن الأمر مجرد تورية، وهي اللفظ الذي يحتمل معنيين.

الدُستور ـ بضم الدال ـ مجموعة من القواعد التي تتفق عليها الأمة لتكون أساسا تنطق من خلاله الدولة.. توجهات عامة ترسم الخريطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للوطن.  وصفة غير سرية يتفق عليها الجميع تكفل للبلاد تحقيق أمانيها في الرخاء والعدل والحرية.

ولكل دولة دستور خاص اتفق عليه الشعب، وارتضى به أن يكون حكما، ومنهجا تسير عليه الدولة، وإذا كانت معظم دول العالم لديها دساتير، فإن قلة من الدول، مازالت لا تملك دستورا، وتسير كما يقول التعبير الشعبي "بالبركة".
     والدستور ليس قرآنا منزلا، وبالطبع يمكن تعديله أو تغييره إذا اتفقت الأمة على ذلك، ولكنه يكتسب أهميته من استمراريته ومرجعيته، ونصوصه التي قد تبني أمة عظيمة، أو أمة فاشلة.

في هذه الأيام الفارقة من تاريخ مصر، ونحن على أعتاب إعداد دستور جديد، يجب أن ننتبه، ونعي أهمية اللحظة، لأن هذا الدستور هو أول دستور يكتبه المصريون بأنفسهم، ففي التجارب الماضية، كان الأشرار يكتبونه لنا، ويفصلونه وفقا لتوجهاتهم وأهوائهم، ويقتصر دورنا على "البصم" كالأميين، ومن هنا برز مصطلح "ترزية القوانين".

هذه هي المرة الأولى التي يخط فيها المصريون بأناملهم وأظافرهم وقلوبهم وشهدائهم وثورتهم النبيلة تاريخهم الجديد، والدستور لا يتغير في يوم وليلة، ولا يتم تعديله كل عام، فقد وضع ليبقى،  ويستمر فترات طويلة قد تمتد لسنوات.
يجب أن نتحلى بالمسؤولية والوطنية، ونستلهم تاريخنا العظيم الذي يمتد إلى أكثر من 7 آلاف سنة، ونعي أهمية العمل الذي نقوم به، حيث سيحدد الدستور مستقبل مصر، والأجيال المقبلة.

علينا أن نحسن استغلال هذه اللحظة التاريخية، ونضع دستورا جديدا حديثا يناسب المصري في عهد جديد، ويؤسس لمرحلة جديدة من الحرية والعدالة والديموقراطية وحرية الإنسان، دستور لا مكان فيه لحكم الفرد، دستور يقلص سلطات الرئيس ليصبح موظفا نجيبا يقضي فترة حكمه، لفترة معينة، ثم يترك مكانه لآخر انتخبته الجماهير.

دستور يقنن العدالة والمساواة والحرية والديموقراطية وحقوق الإنسان .. بل حقوق الحيوانات، .. دستور يدفع بالكفاءات، وذوي القدرات، والمبدعين في كل المجالات، ويشيع مناخ العطاء المبدع الخلاق.

وإذا كانت دول كثيرة قد سبقتنا في الديموقراطية رغم سبقنا الحضاري، فإن الفرصة مواتية لنضع دستورا يتجاوز الديموقراطيات العريقة الأميركية والغربية.

علينا أن ندرس هذه الديموقراطيات، وننظر إلى مزاياها وعيوبها، ونؤسس لديموقراطية مصرية جديدة ذكية تتجنب المثالب، والعيوب الخلقية، والسياسية، والتشوهات، والثقوب التي تعاني منها التجارب الأجنبية.

معظم الديموقراطيات الأجنبية تعاني من أدران خطيرة، بوسعنا الآن أن نقدم ديموقراطية مصرية أخلاقية تكون نموذجا يحتذى به في مختلف دول العالم. من تملك دساتير مهترئة، ومن تمضي بالبركة، من خلال تقديم ديموقراطية فريدة يتفق فيها ما نبطنه مع ما نعلنه، ديموقراطية لا تعترف بالمحاور والأحلاف، ولا تنحاز إلا للإنسان والقيم الإنسانية الرفيعة. ديموقراطية تأخذ بأسباب العلم والتطور، وتستشرف مستقبل العالم الذي سيكون قريبا عالما آخر مختلفا غير الذي نشاهده الآن.

الآن ونحن على أعتاب دستور جديد ومرحلة جديدة أستلهم التعبير الشعبي الذي يقول "دَستور يا أسيادنا"، ولكن بالطبع لن تكون العبارة موجهة لسادة الجن كما يفعل البسطاء، ولكن ستكون موجهة لسادة الثورة والحرية، وأقول ـ بضم الدال ـ "دُستور يا أحبابنا وشعبنا الطيب الجميل. . دُستور يا دماء الشهداء النقية العبقة النبيلة التي لم تضع هباء. دستور جديد نباهي به الأمم ونقفز به بإذن الله إلى أبعد نقطة نحو الشمس.

تاريخ الإضافة: 2014-04-07 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1022
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات