مصطلحات جديدة تقتحم حياتنا كل يوم لا نستطيع الوقوف على معظمها، وبخاصة في عالم النت أو الشبكة العنكبوتية كما يطلقون عليها، ورغم إن اختصار كلمة إنترنت ليس له علاقة بالعنكبوتية في شيء وغالبا سيكون (إنترناشيونال نتورك) أو الشبكة العالمية، وربما أطلقوا عليها عنكبوتية لأنها تنسج شباكها حولنا طوال الوقت فلا نستطيع منها فرارًا.
اليوم سأحدثكم عن مصطلح جديد أو لنقل عالم جديد على النت هو عالم التيك توك. وقبل أن تشعر أن المقال لا يهمك أو إنه يتحدث عن أشياء لا علاقة لنا بها نحن معشر الأربعينات فما فوق، أطلب منك أن تتوقف لبعض الوقت أمام كلمة عالم موازي، بالفعل التيك توك هو عالم موازي يعيش فيه الشباب وبصفة خاصة الفتيات، وقد تكون ابنتي أو ابنتك تعيش الأن في هذا العالم أثناء كتابة المقال وقراءتك له.
التيك توك هو تسجيل فيديو لأداء حركات على أغنية مشهورة، نلاحظ أن معظم المتفاعلين في هذا العالم من الفتيات، تقوم الفتاة بتسجيل فيديو لها وهي تتقمص دور المطرب أو المطربة، تحرك شفاهها فقط على كلمات الأغنية مع أداء حركات راقصة، وهنا الأمر لا يتعلق بأي موهبة، فهي لا تغني وإنما مجرد أداء وكلما زادت التعليقات كلما كان النجاح أكبر.
التيك توك هو عالم تدخله الفتيات بحثًا عن الشهرة و حصد التعليقات والإعجاب، وهنا تكمن المشكلة والتلاعب بأحلام بناتنا، فأصبح التخلي عن القيم و المبادئ والأخلاق هما سبيل سريع لتحقيق النجاح من خلال التيك توك، وفي سبيل التعليقات والإعجاب تبذل الفتاة أقصى جهد لها وبكل الطرق وكل الأشكال.
في سبيل هذه الشهرة الزائفة تتعرى الفتيات و يتعرى معهن مجتمع لا يلتفت لجيل من المفترض أن يقود الوطن يومًا ما، فتيات هن نصف المجتمع وسيصبحن في المستقبل أمهات يصنعن النصف الأخر، سيقول لي البعض أن عالم التيك توك ليس كل الفتيات وأن هناك البنات التي مازالت تحتفظ بمبادئها ولا تنساق وراء تلك الأمور التافهة.
أدعوكم القراء الاعزاء لدخول هذا العالم لتقفوا على حجم المأساة التي أحدثكم عنها و التي تستشري في مجتمعاتنا العربية بشكل سرطاني، ولا ابالغ إذا قلت أن ما يحدث هو مؤامرة نقوم بها نحن على أنفسنا.
التيك توك ليس أمر مستحدث في عالمنا العربي ، ومعروف على مستوى العالم، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا لا نستعير من العالم سوى المستجدات التي تهدم القيم والاخلاق، لماذا لا يصدرون لنا سوى فضلاتهم المسمومة لنهلل ونفرح بها ونحاول محاكاتها، لماذا لا ندقق في اختياراتنا، أين دور المدرسة والجامع والكنيسة.
أين دور الأهل في توعية الفتيات، لماذا تخلى كل منا عن دوره وأصبح الأمر وكأنه لا يعنينا، بالأمس القريب كانت الفتيات تخشى أن تضع صورتها على النت لئلا يتلاعب بها أحد واليوم هن يرقصن علنًا في فيديوهات تتداول بين الشباب دون خوف أو حياء، وأخشى ما أخشاه أن نرى في المستقبل القريب فتياتنا وهن يمارسن الفاحشة علنًا تحت غطاء الصمت الذي يغشانا جميعًا..