تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



أول الفرح | الأمير كمال فرج


إذا نظرت لـ "حجم الفرح" الذي عم عموم البلاد بطولها وعرضها بسقوط الإخوان، ستقدر بالتالي "حجم الحزن" الذي جلبته هذه الجماعة للوطن. سوف تكتشف أبعاد الكارثة الطبيعية التي ضربت المنطقة، فدمرت المباني، وأحرقت الحقول، ولوثت منابع المياه، وقضت على الأمل في الحياة. سوف تدرك حجم "المصيبة" التي وقعت فوق رؤوسنا بمنح "القط مفتاح الكرار"، وتقلد رئيس إخواني مقاليد البلاد.

هذه الأمواج البشرية التي تجمعت بميدان "التحرير" الذي ظل رمزا نبيلا للثورة المصرية بانتصاراتها وانكساراتها، رغم محاولات التشويه ـ تؤكد أن "المصاب" كان كبيرا ، و"الفرح" بعودة الغائب لايوصف.

هو نفس شعور الأم التي تجد طفلها التائه منذ عام، والفلاحين الذين يستقبلون الأمطار بعد طول الجدب، ورد فعل المحكوم بالإعدام الذين يدخل غرفة الإعدام، وفي لحظة التنفيذ، يوقفون الإجراءات ويطلقون سراحه.

الناظر لصورة الفرح المصرية سيجد فيها العديد من الملامح، والمواقف، والتجارب الإنسانية ، مسنة لا تقوى على الحركة ساعدتها ابنتها على النزول والجلوس على كرسي أمام المنزل، وهي تحمل علما صغيرا، ونظرا لأنها لا تقوى على تحريك العلم أخذت عنها ابنتها المهمة بالنيابة، فأخذت تحرك يدها بالعلم..، شاب من ذوى الاحتياجات الخاصة نزل بالكرسي المتحرك للتظاهر في ميدان التحرير، فرفعه المتظاهرون بكرسيه إلى أعلى ليحصل على الفرصة التي حصل عليها الأصحاء، بالنظر إلى الميدان من أعلى.. شباب يعتلي أعمدة الإنارة وخطوط الضغط العالي بما يمثله ذلك من خطورة، وهم يحملون أعلام مصر وشارات عليها كلمة "إرحل".، سيدات من الطبقة المتوسطة يقفن على مقطورة صغيرة يجرها موتوسيكل يقودها رب الأسرة في مظاهرة عائلية متنقلة ضد الإخوان.

ولكن الصورة التي استوقفتني طويلا كصحفي ، صورة نشرتها وكالة "رويترز" تمثل مقطعا عرضيا لجموع المتظاهرين لحظة إلقاء الطائرات العسكرية عليهم أعلاما مزودة بألوان فسفورية.

مئات الشباب والشابات أظهرتهم الصورة وهم ينظرون إلى أعلى.. كبار وصغار .. سيدات شابات محجبات، وسافرات.. القاسم المشترك بينهم لمعة فرح فريدة في عيونهم يقشعر بها البدن، فقد كانت "الأعلام" رسالة سياسية مهمة بعث بها الجيش للشعب معناها "نحن معكم"، وهو ما تم تطبيقه عمليا بالبيان الذي أصدره الجيش في اليوم التالي معلنا إنحيازه للشعب، ومنح النظام 48 ساعة مهمة لتنفيذ مطالبه.

الفرح الذي انتاب كافة ميادين وشوارع وقري ونجوع القطر المصري حدث فريد لم نعرفه من قبل، وهو يحتاج إلى دراسة بحثية لتقصى جذوره ودوافعه وتأثيراته الاجتماعية،  فهو "أول فرحتنا" منذ أكثر 40 عاما .، فلم يعرف المصريون فرحا بهذا الحجم منذ نصر أكتوبر عام 1973.

الفرح الشخصي مهم ، فما بالك بفرحة يشاركك فيها 33 مليونا وفق تقرير لـ CNN  كانوا في الشوارع في 30 يونيو، وهو ما دعى البعض لوصفه بـ "أكبر حشد في البشرية"،  وإذا آمنا أن المشاعر الإنسانية كالحزن، والخوف، والفرح تنتقل بالإيحاء، فإن فرحة المتظاهرين انتقلت لكافة الشعب المصري، وليس ذلك فقط ، ولكنها انتقلت للملايين من الناس حول العالم عن طريق الفضائيات، ووسائل التواصل الاجتماعي ، الذين شاركوا المصريين فرحتهم بالتعليقات، والصور المعبرة، والتفاعل الانساني الخلاق.

العرب عامة لديهم مشكلة مع "الفرح"، فالثقافة العربية أساسا تحتفي بالحزن، وتتطير من الضحك، وفي الموروث الشعبي عندما يضحك المرء يقول "اللهم اجعله خير" .. في ثقافتنا العجيبة هناك تقدير غريب للحزن، وإهمال للفرح كغريزة إنسانية مهمة ، حتى أن البعض يقول "الضحك من غير سبب قلة أدب".

في سنوات القمع الماضية، كان المصريون يتصنعون الفرح، يبتسمون والدموع في عيونهم، كانت أي أسرة مقبلة على حفل زفاف لأحد أبنائها تقول "خلينا نفرح شوية"، وكأن الفرح ممارسة نادرة ممنوعة تحتاج إلى مبرر اجتماعي لممارسته، وكان أمل أي لاعب كرة مقدم قبل المباراة أن "يفرح المصريين"، بالفوز، وكان المصريون كانوا بالفعل يفرحون، ويشجعون،  ويهتفون، ولكن كان في القلب غصة ومرارة.

وكان نظام مبارك يعرف هذه النقطة جيدا، فكان يستغل الأحداث الرياضية الكبرى لتحقيق انتصارات وهمية، تمنح الشعب جرعات من المخدر اللذيذ، لينسى همومه ومشاكله الاجتماعية.

ولكن فرحة المصريين بنجاح ثورتهم في 30 يونيو ، والتي ظهرت في التحرير وكافة ميادين مصر كانت أول فرحة شعبية حقيقية، بعد سنوات طويلة من الحزن.

فرحة المصريين بخلع الإخوان ستغير الثقافة الاجتماعية التقليدية، وتجعل "الفرح" في مقدمة المتطلبات الانسانية. ليس ذلك فقط، ولكن بوسع "الفرح" أن يدخل في مشاريعنا المقبلة، ويكون دافعا نفسيا واجتماعيا مهما لحل المشكلات، وتحقيق النهوض الاقتصادي.

فرحة 30 يونيو أول الغيث، وأول الفرح، وأنا على ثقة بأنها ستكون مقدمة لعهد جديد من الأفراح والليالي الملاح.
تاريخ الإضافة: 2014-04-04 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1171
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات