تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



المصريون يتعلمون الديموقراطية بسرعة | الأمير كمال فرج


 جمعة جديدة من جمع ربيع الثورات العربية أطلقها الثوار المصريون الجمعة الماضية التي وافقت 8 يوليو 2011، وتنوعت مسمياتها، فالبعض أسماها جمعة "الثورة أولا"، في تأكيد على أن الثورة مازالت مستمرة حتى تحقق أهدافها الكاملة. بينما أسماها البعض "جمعة التطهير والأمن" في تأكيد على بعض مطالب الثورة وأهمها تطهير مؤسسات الدولة من فلول الحزب الوطني السابق المنحل، حيث يرى الكثيرون أن العديد من قطاعات الدولة مازال الفاسدون يسيطرون عليها مثل الجامعات ووسائل الإعلام والمؤسسات الرسمية. أما الأمن فهو المطلب الآني الذي اتفق عليه الجميع.

وضمن مسميات هذه الجمعة برز أيضا مسمى "مصر أولا"، وذلك في إشارة للجدل الدائر حاليا حول إقرار الدستور أولا أم الشروع في الانتخابات النيابية والرئاسية بحيث يعد الدستور لاحقا، وهي القضية التي شغلت الرأي العام المصري في الأسابيع الأخيرة..

مؤيدو "الدستور أولاً" يرون أن الأهم إقرار دستور جديد للبلاد قبل الشروع في الانتخابات، أما معارضو ذلك الشعار فيرون أن هذا الشعار التفاف على التعديلات الدستورية التي تمت والاستفتاء الذي تم من أشهر عليها والتي وافق عليها المصريون بنسبة 77.2%.

وتجيء جمعة "الثورة أولا" بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على ثورة 25 يناير التي أجبرت الرئيس السابق حسني مبارك على التنحي، وتولى المجلس العسكري زمام المسؤولية في مصر.

 في درجة حرارة عالية تقترب من الأربعين درجة تجمع عدة آلاف من المصريين من مختلف الأعمار في ميدان التحرير، بعضهم بات في الميدان والبعض الآخر توافد من ساعات النهار الأولى، وما إن حلت ساعة الظهر حتى ظهر ميدان التحرير ممتلئا عن آخرة بالمتظاهرين واللافتات.

 المتابع لجمعات الثورة المصرية، وخاصة جمعة "الثورة أولا" سيكتشف أن المصريين بمختلف طوائفهم واتجاهاتهم وفئاتهم الاجتماعية يتعلمون الديموقراطية بسرعة. حيث كان مشهد اللافتات التي تتضمن رسائل سياسية في أيدي الجميع، شبابا وشيوخا وعائلات، حتى الأطفال رسموا على وجوههم علم الوطن، وحملوا لافتات طريفة تقدم معاني سياسية مهمة.

هذا بالطبع يتنافى مع المزاعم السابقة التي ترى أن المصريين لا يعرفون الديموقراطية، كما قال اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية السابق والذي عينه الرئيس السابق نائبا للرئيس في اللحظات الأخيرة لنجاح الثورة ليمتص غضب الجماهير، وأنهم ـ في بعض الأقوال ـ لا يستحقون الديموقراطية، وأن الأمر يحتاج إلى بضعة أعوام لينجح المصريون في سنة أولى ديموقراطية.

 التعبير السياسي لم يقتصر على اللافتات، ولكن تجسد في وسائل عدة كالرسم على الجسد والرسم على الأرض، والأداء الخطابي والتمثيلي والهتافات، إضافة إلى الأداء المسرحي الخطابي الرئيسي الذي قدم من خلال عدد من المنصات قام ناشطون بنصبها في أماكن عدة بالميدان. تم من خلالها تقديم فقرات خطابية وشهادات وهتافات حماسية ومطالب.

هذه الممارسة الديموقراطية التي أرست دعائمها ثورة 25 يناير كانت المشهد الأبرز في ميدان التحرير والشوارع المؤدية إليه ، حيث ظهرت مئات من اللافتات، كل منها يقدم رأيا سياسيا حتى لو اختلفت مع أحدها أو بعضها فإنك لا تملك إلا احترام الرأي وتقدير هذه التظاهرة الديموقراطية التي تمكن أي مواطن من التعبير عن رأيه بحرية دون خوف أو وجل.

 اللافتات رغم تنوعها واختلافها ولغاتها الفصحى والعامية، اتفقت جميعها على هدف واحد وهو أهمية محاسبة قتلة المتظاهرين ورموز النظام السابق، ونقد واستهجان الأحكام التي صدرت منذ أيام لبعضهم بالبراءة، والتأكيد على الحرية والعدالة الاجتماعية وإسقاط رموز الفساد في كل المواقع.

من اللافتات التي ظهرت في الميدان: لافتة تقول "نطالب بالعدالة العمياء، لا أحزاب ولا إخوان، الشعب المصري في الميدان، اعتصام في الميدان لاستكمال الثورة"، و"النقابات المستقلة وجدت لتبقى"، و"الشعب يريد القصاص أولا"، و"الحرية لمايكل نبيل سند سجين الرأي"، و"الحملة الشعبية لتطهير القضاء .. تطهير القضاء، وقف التوريث، وقف عسكرة القضاء، لا لمهرجان البراءة للجميع"، و"الثورة مازالت مستمرة، ولن تدرك النجاح إلا بمحاكمة الفاسدين"، و"التطهير: محاكمة عاجلة للعائلة الفاسدة، المحاكمة السياسية والجنائية والمالية، محاكمة مبارك الكبير والصغير".

"الشعب اتهان واتزل، وبقت العيشة خل في خل"، و"في 73 هزمنا الصهاينة وفي 2011 هنهزم البلطجية"، و"أعلن أنا المواطن شريف شوقي عن ترشحي لمنصب شهيد لجمهورية مصر العربية على أن يكون البرنامج استشهادي مطالب ثورة 25 يناير"، و"دم الشهداء مش هيروح".

"لما دول براءة حسني مبارك يبقى إيه.. اللهم انتقم من كل ظالم"، و"الشعب نازل التحرير .. الشعب يطالب بالتطهير .. تطهير العصابات العمالية الحل"، و"أبدا لن نتراجع للخلف"،  و"الشعب يريد محاكمة عادلة لكل رموز النظام السابق الذين قاموا بالآتي : قتل المتظاهرين ، إفساد الحياة السياسية لمدة 30 عاما، إصابة أكثر من 20 في المئة من الشعب بمرض الكبد، انتشار مرض السرطان بسبب التلوث"، و"الثورة تطالب بالعدالة الاجتماعية، أين العدالة الاجتماعية التي حققتها الثورة في المرتبات والإيجارات، موظف مرتبه 200 جنيه وآخر مرتبه 5000 جنيه، شقة إيجارها 10 جنيه وشقة إيجارها 600 جنيه، شقة قانون جديد وشقة قانون قديم"، و"الشعب يريد القضاء على القضاة الفاسدين مزوري الانتخابات"، و"العدالة الظالمة"، و"من يصنع نصف ثورة كمن يحفر قبره بيديه"، و"حقنا عنده دم مش فلوس"،  و"القصاص من قتلة الشهداء"، و"الشعب يريد محاكمة رموز الفساد"،  و"أحكام البراءة خنجر في قلب الثورة"، و"انتبه من فضلك الثورة ترجع للخلف"، و"خبر عاجل .. أنقذوا ثورتكم يا مصريين"، و"أنا ثائر إذن أنا بلطجي"، و"أدعو لوقف تصدير الغاز لإسرائيل"، و"الشعب يريد الإفراج عن الشيخ رائد صلاح"، و"الشعب يريد محاكمة الرئيس علانية".

  بين اللافتات الكثيرة المرفوعة في الميدان لجأ البعض إلى وسائل تعبير طريفة للتعبير، تعكس الروح المرحة التي يتمتع بها المصريون، من هؤلاء رجل حمل لوحة معلق عليها "شبشب" وهو يتم ارتداؤه في القدم ولصق عليه صور للرئيس السابق وبعض رموز النظام مثل وزير الداخلية السابق حبيب العادلي وأمين لجنة السياسات أحمد عز، وكتب على اللوحة بعض العبارات المطالبة بالقصاص من الفاسدين، "طفلة تمشي بصحبة والدها علقت عبارة تقول "خلاويص .. لسه .. عاوزة حق الشهيد". شاب فضل أن يعبر عن رأيه بالرسم على الأرض، فرسم حمارا وأشكالا كاريكاتيرية لرموز النظام السابق مع عبارة "مهرجان البراءة للجميع" .. في سخرية واضحة من أحكام البراءة التي صدرت بحق بعض رموز هذا النظام.

رسومات كاريكاتيرية ارتفعت في لوحات كبيرة تجسد الرئيس السابق مبارك وهو نائم على سرير المستشفى ويقول "أنا مرتاح كده أنا مبسوط كده"، وأخرى تجسده وهو يخرج جيوبه الفارغة، ويقول .. فتشني .. فتشني".

     أسرة مصرية تتكون من زوج وزوجة وطفل صغير يحملون لوحة تقول "فينك فينك ياسادات .. عاوزين حركة تصحيح لمراكز قوى الفساد".

 شاب حمل مشنقة حمراء اللون وضعها حول رقبته، وأبرز يده الملونة بالأحمر، في دلالة تعبيرية صامتة عن مطالبته بالقصاص من قتلة المتظاهرين، مجموعة من الشباب يقودون جنازة رمزية، يرفعون فيها لافتة كبيرة مكتوب عليها "رابطة شباب السويس ..، قلب مصر النابض، خبر عاجل، توفى إلى رحمة الله تعالى القضاء المصري، ولا عزاء لأسر الشهداء، وإنا لله وإنا إليه راجعون"، وحمل بعضهم في المقدمة نعشاً أسود اللون مكتوب عليه عبارة "القضاء المصري" في إشارة إلى احتجاجهم على أحكام البراءة التي حصل عليها بعض رموز النظام السابق.

 بين اللافتات الكثيرة التي انتشرت في الميدان لافتات فئوية، ويقصد بها تلك اللافتات التي تطالب بمطلب معين كإقالة مسؤول أو محاكمته، حيث ظهرت لوحات تستهدف أشخاصا معينين، وتتهمهم بالفساد وتطالب بإسقاطهم. من هؤلاء المستشار جودت الملط، وزير الإسكان، وفوزي إبراهيم رئيس تحرير مجلة الكواكب، وياسر رزق "رئيس تحرير أخبار اليوم"، وإسماعيل منتصر رئيس تحرير دار المعارف، وجلال دويدار أمين المجلس الأعلى للصحافة، وحمدي رزق رئيس تحرير مجلة المصور، ومحمد بركات رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم، ومحسن بهجت "الشركة القومية للتوزيع"، ومحمد عبدالحميد رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتلفزيون".

في الميدان ظهرت ثلاث أو أربع منصات، تتراوح أحجامها بين المتوسط والكبير، فهذه منصة أعدها شباب حزب "الوفد" راح يهتف المشرفون عليها بهتافات تندد برموز الفساد، وتميزت هذه المنصة بقيام المسؤولين عنها بتوزيع كابات ورقية للحماية من أشعة الشمس، وهذه منصة أخرى كبيرة، تعلق لافتة كبيرة عليها عبارة "الشعب يريد جمعة العدالة والتطهير"، ظهر عليها نائب رئيس محكمة النقض ورئيس نادي قضاة الإسكندرية الأسبق المستشار محمود الخضيري الذي راح يخطب في الجماهير مطالبا بوقف تصدير الغاز لإسرائيل، وفتح معبر رفح بصفة دائمة، كما طالب بالقصاص لدماء الشهداء، كما قدمت المنصة شاعرا قدم قصيدة حماسية، منصة ثالثة صغيرة ظهر عليها رجل يخطب، ويعدد مساوئ النظام السابق، منصة رابعة راحت تقدم هتافات حماسية ، وركزت على أسر الشهداء.

المتظاهرون جاؤوا من كل محافظات مصر، رأيت متظاهرين من المنصورة، وكفر الزيات، والمنيا، ومجموعات سياسية وحزبية وعمالية، عمالا وفلاحين، جاءت من الأقاليم للتأكيد على مطالب الثورة. حتى البدو كانوا موجودين هناك من خلال لافتة تطالب بعدم اضطهاد البدو.

في الميدان مجموعات سياسية مختلفة، فهناك مجموعة من الشباب يروجون لحزب سياسي، وهناك أيضا مجموعات عمالية اجتمعت تلبية لدعوة أحدهم عبر موقع "فيس بوك"، هناك فرادى وجماعات من مختلف الاتجاهات والمناطق.

على غير المتوقع كانت مظاهرات الجمعة باب رزق مهم للباعة الجائلين والمحلات والمقاهي المنتشرة في الميدان، وتلك الموجودة بالقرب منه في الشوارع المؤدية إليه، حيث كثر تواجد الباعة الجائلين الذين يبيعون العصائر، والمياه، والمياه الغازية، والذرة المشوية، والتين الشوكي، والساندوتشات، والشاي. وظهر كل بائع منهمكا في عمله لتأمين طلبات الزبائن وتحقيق الأرباح، مستفيدا من هذا الجمع الهائل من المواطنين المتواجدين في مكان واحد.

التظاهرات كانت أيضا بابا للربح لباعة الميدان الذين يبيعون الأعلام المصرية وتذكارات الثورة من قلائد وكابات وتي شيرتات عن الثورة. إضافة إلى الباعة الجائلين الذين يبيعون الأعلام المصرية مختلفة الأحجام والألوان.

مظالم المصريين كثيرة، وتحدث عنها لأول مرة الرئيس الأميركي باراك أوباما في أول خطاب له عقب اندلاع الثورة المصرية، ورغم أن المظالم في أي بلد لها طرق للبحث والحل، إلا أن عددا كبيرا من المصريين لم يجدوا مجالا للشكوى، وإن وجدوا فهناك دائما البيروقراطية والفساد، والتخبط الإداري الذي تذهب معه أي شكوى أدراج الرياح.

لذلك لم يجد هؤلاء سوى ميدان التحرير ليقدموا شكاواهم مباشرة، حتى لو كان ذلك من خلال لافتة مكتوبة على ورق الكرتون أو القماش، أو حتى بالحكي المباشر، هناك أيضا أفراد جاؤوا يقدمون مظالمهم الخاصة، فهذه سيدة جاءت من الإسكندرية لتقدم مظلمتها في ميدان التحرير، وتحمل في يدها مجموعة من الصور التي تصور شقتها والعمارة التي تتملك بها الشقة، وقد قام صاحب العمارة المحامي ـ منتهزا حالة الفوضى التي أعقبت ثورة 25 يناير ـ بعمليات تكسير في العمارة وفي شقتها حتى يقوم بهدمها وبنائها من جديد، وقام بالفعل بعمليات هدم واسعة في شقة السيدة، وعندما طلبت السيدة ثمن الشقة الخاصة بها، والتي اشترتها عن طريق التمليك، عرض عليها صاحب العمارة الحصول على ثمن الشقة من 25 عاما وهو مبلغ بخس لا يناسب سعر الشقة الآن.

نجح شباب الثورة في تأمين الميدان بدءا من مخارج محطات مترو الأنفاق المنتشرة في الميدان والشوارع الرئيسية والفرعية المؤدية إليه، وذلك في غياب تام لقوات الشرطة، حيث أعلنت وزارة الداخلية المصرية أنها لن تتواجد في الميدان، وأنها تترك أمر تأمين الميدان إلى شباب الثورة، وذلك في إجراء يهدف إلى تجنب التصادم مع المتظاهرين الذين مازالوا يعتبرون وزارة الداخلية المسؤولة عن قتل شهدائهم والبطش الذي تعرضوا له على مدى العقود الثلاثة الماضية.
الإذاعة الداخلية لمحطة المترو "محطة السادات" تطلب من الركاب التعاون مع اللجان الشعبية المنتشرة في مخارج المحطات، شباب يقفون في مداخل الشوارع المؤدية إلى ميدان التحرير في صفوف للاطلاع على هويات الداخلين، وتفتيشهم وتفتيش أغراضهم لمنع أي محاولة لتسلل عناصر مخربة، الرجال يقومون بتفتيش الرجال، والسيدات تقوم بتفتيشهن فتيات محجبات، والتعليمات صارمة. والهدف التأكد من عدم حمل أي شخص لأي مواد مخالفة ومنع دخول أي عناصر تحاول إفساد هذه الممارسة الديموقراطية.

في أحد بوابات الدخول في جانب المتحف المصري، انتشرت مجموعة من الشباب، لفحص هويات الداخلين، واستعانوا بجذع شجرة لتكوين بوابة أمنية للتأكد من هويات الداخلين وتفتيش حقائبهم، مع الاعتذار عن أي إزعاج سببه ذلك من خلال لوحة عليها العبارة التالية "جمعة الثورة أولا .. نعتذر عن الإزعاج .. الميدان مغلق .. لجنة الأمن والنظام .. لجنة المتحف المصري".

عندما دخل وقت صلاة الجمعة، بدأ المتظاهرون في فرش الأوراق لأداء الصلاة، ونظرا لتعذر التواصل الصوتي مع جموع المتظاهرين وجدت في الميدان أكثر من صلاة للجمعة، تداخل الأصوات لم يمكن المستمعين من سماع الخطبة بوضوح، أحد الأئمة دعا المتظاهرين الذين يريدون الوضوء ويتعذر عليهم إيجاد الماء إلى التيمم، وراح يشرح بمكبر الصوت طريقة التيمم، وعقب انتهاء الصلاة بادر المصلون إلى جمع الأوراق المتخلفة عن الصلاة وذلك مساهمة منهم في تنظيف الميدان.

كانت صور الشهداء القاسم المشترك في كل منصة وكل تعليق، بعض الشهداء أصبحت صورهم مألوفة للمتظاهرين بعد أن نشرتها وسائل الإعلام، وبعض المواطنين يعرفون بعض الثوار بالاسم، ويعرفون أيضا المناطق التي ينتمون إليها، إحدى المنصات أتاحت الفرصة لأمهات الشهداء للحديث عن تجاربهم ومشاعرهم وانفعالاتهم ودعواتهم إلى القصاص.

لافتة كبيرة ظهرت في الميدان معلقة على أحد عواميد الإنارة، تضمنت دعوة لعقد محاكمة لوزير الداخلية الحالي منصور العيسوي تقول "دعوة عامة إلى ثوار ميدان التحرير، لحضور جلسة إقالة وزير الداخلية منصور العيسوي يوم الأربعاء 27 يوليو الساعة 9 صباحا أمام مجلس الدولة".

وتعكس هذه الدعوة مجددا حالة الإحباط التي أصابت عموم المصريين من غياب الأمن من الشارع المصري، وما تردد عن وجود تقاعس من القيادات الأمنية، ويؤكد أيضا مطالب الثوار بإعادة هيكلة وزارة الداخلية باعتبارها المسؤولة بالدرجة الأولى عن قتل المتظاهرين، إضافة إلى الإساءات المتعددة التي ألحقتها بالشعب المصري على مر سنوات طويلة من القمع في عهد الرئيس السابق.

 المتابع للأعلام المنتشرة في ميدان التحرير سيكتشف أن الثورة المصرية ليست فقط ثورة مصرية، ولكنها تتخذ بعدا عربيا فهناك أعلام فلسطين وليبيا وسورية، وهناك أيضا دعوات تحرير عربية ، بعض الشباب السوريين ظهروا وهم يرفعون لافتة تقول "بشار ما له شرعية .. توقيع: الجالية السورية بالقاهرة"، وشاب آخر يحمل على ظهره حقيبة مكتوب عليها "ارحل يا بشار".

 شهدت مظاهرات وفعاليات جمعة "الثورة أولاً" متابعة من وسائل الإعلام المصرية والعالمية، واحتل عدد كبير من المصورين والمخرجين والفنيين شرفات المكاتب الموجودة في الميدان، وظهرت كاميرات التصوير التلفزيونية تطل من الشرفات، وانتشر على المنصات عدد آخر من الصحفيين والمصورين ومصوري القنوات العربية والعالمية. وظهرت وجوه صحفية أجنبية كثيرة تستطلع الآراء، وتعدد التقارير الصحفية لمطبوعاتها.

 بعض الشباب قام بتوزيع استبيانات على المواطنين لاستطلاع آرائهم حول مختلف القضايا، ومنها أداء المجلس العسكري في الفترة الماضية.

 أسرع موقف معارض شهده ميدان التحرير في جمعة "الثورة أولاً" اعتراض على تعيين رئيس تحرير صحيفة "الوفد" السابق أسامة هيكل وزيرا للإعلام، حيث ظهرت مذيعة وإعلامي وهما يحملان لافتة بتوقيع "حركة ثوار ماسبيرو" عليها عبارة "شعب حر  = إعلام حر، لا لوزارة الإعلام .. لا لأسامة  هيكل وزيرا للإعلام"، وهو القرار الذي صدر في اليوم السابق لجمعة "الثورة أولاً"، وهو ما يؤكد سرعة معارضة بعض الفئات لقرار ما إذا وجدوا أنه لا يصب في مصالحهم.

 تباينت الآراء قبل جمعة "الثورة أولاً" بأيام، ما بين مناد للاعتصام حتى تتحقق مطالب الثوار، ورأي آخر يدعو إلى عدم الاعتصام وفض التظاهرة في السادسة مساء، حرصا على تسيير الأعمال والحفاظ على مصالح الناس، ولكن حسم البعض موقفهم بالبقاء في الميدان حتى تتحقق مطالبهم.

وتتباين أيضا آراء المصريين المتابعين لما يحدث في "التحرير"، فهناك من ينتقد التظاهرات ويؤكد تأثيرها السلبي على اقتصاد البلاد وحركة السياحة التي تأثرت كثيرا بعد الثورة، وهناك أيضا يؤكد أن التظاهر حق للمصريين وأن أهداف الثورة يجب أن تتحقق، ويجدون في التظاهر والاعتصام الوسيلة الوحيدة لتحقيق ذلك.

 وما بين المعارض والمؤيد هناك من يرى في هذه التظاهرات وسيلة صحية، وممارسة فعلية للديموقراطية، ولكنهم يشددون على عدم الخطأ.
تاريخ الإضافة: 2014-04-04 تعليق: 0 عدد المشاهدات :996
0      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات