تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



أحلام ممنوعة | الأمير كمال فرج


 لماذا هذا الذعر الذي ينتاب الأنظمة العربية من فكرة إتاحة فرصة لاختيار رئيس الجمهورية بالاقتراع الحر، بحيث يكون لكل مواطن الحق في الترشح، لماذا إذا حلم المواطن العربي بأن يكون رئيسا للجمهورية، يتسلل المخبرون حتى إلى أحلامه، ويقولون له "ممنوع"، هذا إذا لم يتم اعتقال الحلم، وحمل الحالم "تربيعة"  ـ وهو مازال نائما ـ إلى أمن الدولة.

لماذا في بلادنا العربية ليس للمواطن الحق في اختيار قيادته، وإن تم ذلك فما هي إلا مسرحية سياسية واقتراع شكلي، كالمطعم الذي ظل يقدم لك كل يوم الفول، وعندما تعترض، وتطالب بالتنويع، ورفع شعار "ديموقراطية الأكل"، أتاح لك أن تختار بين "الفول" و"الفول" ..، وعندما تحتج، يتكرم عليك ويتيح لك الاختيار بين الفول والفول والفول، .. لماذا لا يتاح للمواطن الاختيار بين الفول، والطعمية، وموزة معتبرة؟.

لماذا في بلادنا العربية تعتقل الأحلام ، بينما تشجع الشعوب الأخرى مواطنيها على الحلم، وعلى السعي لتحقيقه، لماذا حلم المواطن البسيط أن يكون رئيسا لبلاده ضرب من المستحيل يمكن أن يساق صاحبه إلى مستشفى المجانين، بينما هو في بلاد أخرى كثيرة شيء عادي جدا، يمكن تحقيقه بالعمل، والوطنية، والإخلاص.

  أي ثقافة عظيمة تلك التي أتاحت للمهاجر الكيني الفقير باراك أوباما تقلد رئاسة أكبر دولة في العالم، ولماذا عجزت ثقافتنا العربية التي نتشدق بها ليل نهار، ونتفاخر بأمجادها وأوهامها من إفراز نموذج واحد لبلد خرج فيه الرئيس أو السلطان من قاع الشعب بالاقتراع الحر المباشر؟.

هل الخلل في الثقافة العربية التي تمجد الفرد، والحسب والنسب، والقبيلة، وشيدت تاريخها على القمع السياسي والاجتماعي، وحولت المجتمع إلى طبقات .. ، سادة وعبيد، عيون وحواجب، و"العين لا تعلو على الحاجب"،  ثقافة لا تحتفي بالأحلام، وتحذرك وتقول "ستقع على جذور رقبتك"، وتؤكد على فكرة القناعة، و"على قد لحافك مدّ رجليك" .. هذه الثقافة التي أفرزت لنا أجيالا معاقة غير قادرة على الحلم، والتفكير، والابتكار، والحرية.

  أم ترى أنه الفهم غير الصحيح للدين، الذي جعل كل مستحدث بدعة وحراما، فالانتخابات حرام، والديموقراطية رجس من عمل الشيطان، والتعددية السياسية منهج تغريبي هدفه إفساد الأمة، ومحاربة الإسلام.

  إلى متى نظل نتحرك وأمامنا الخطوط الحمراء، وفوقنا الخطوط الحمراء، وحتى في أحلامنا خطوط حمراء، .. وإلى متى نكتب ووجه الخفير بشاربيه المفتولتين يظهر لنا على الورق والستائر، ويتجول في شراييننا ويقول "هع .. مين هناك". لماذا نمشي دائما في حقول الألغام، ونتوازن على حد السكين، ونرقص كالطير المذبوح من الألم، .. نكتب بلا حبر، ونصرخ دون حنجرة، ونحرث في بحر، ونؤذن في مالطة.

  الحلم أسقطته البنادق كالعصفور، والنائم استيقظ على عصا غليظة وصوت يقول له "فز" ، إذن لا مفر من أن نحلم في السر، .. أحيانا أنظر إلى الأطفال وأتصور ماذا سيكون الوضع عندما يكونون رجالا، ومتى يخرج من بين هؤلاء الأطفال النابهين الذين تلمع أعينهم بالذكاء والتفوق حاكم عادل، يخرج من هذه الأرض وهذا الطين، يحكم البلاد بالعدل والحرية.

يتملكني الخوف ، ليس على نفسي ولا أبنائي، ولكن على هذه الأجيال الجديدة التي ستولد، وتتزوج، وتنجب وتموت في ظل حاكم  واحد،  وحزن واحد،  وفقر واحد.

في العالم العربي يضفون على الحكام صفة الأبوية، والبعض يرفعهم ـ والعياذ بالله ـ إلى مرتبة الآلهة، ويبرر الحكام بذلك بقاءهم من المهد إلى اللحد، في إحدى الدول التي تم فيها التوريث، عند وفاة الرئيس الأب وقف الرجال في مجلس الشعب يبكون بالدموع ويتطوحون، وكتبت الوكالات تقول إن الشعب يعتبر الراحل بمثابة أب لهم، واستغل القائمون على السلطة هذه المشاعر الجياشة ليعدلوا الدستور، ليتجاوزوا شرط السن، وينصبوا ابنه الشاب بهدوء، ولكن في الحقيقة الحكام ليسوا آباءنا ولا أمهاتنا، وبالطبع ليسوا آلهة.

بعض الأنظمة تخوف الناس من منصب رئيس الجمهورية، وتشيع أنه منصب يحتاج إلى قدرات خارقة، وهو في الحقيقة منصب عادي، لا يحتاج إلى موهوب أو عبقري، يحتاج فقط إلى إنسان لديه ضمير يحتكم للقانون.

البعض يعلل الدكتاتورية بالرغبة في عدم إيصال المتطرفين للحكم، حتى لو كان لهم أرضية في الشارع، وسواء أكان يقصد بـ"المتطرفين" الإخوان أو أي توجه سياسي، فإن الأمر مردود عليه، ففي الأنظمة الديموقراطية المبنية على مؤسسات، يتضاءل حكم الفرد، ويصبح الحكم حكم مؤسسات.

ومع وجود العمل المؤسسي لا يمكن للحاكم حتى لو كان سيئا أن ينحرف، ويقر شيئا لا يريده الشعب. في العالم الحديث تراجع حكم الفرد وأصبح حكم المؤسسات هو الحكم الذي يضمن العدل والحرية للجميع.

حتى لو كان الحاكم شيطانا ، فلن ينجح في تمرير شيء لا يريده الشعب، مادام نظام الحكم يعتمد على المؤسسات التي تدرس وتبحث وتقر القرار الذي يتفق مع مصالح الشعب. حتى ولو تعارض ذلك مع رأي الرئيس.

في العالم الحديث منصب رئاسة الجمهورية كأي منصب، وشاغره موظف كأي موظف، يمكن أن يحال للتحقيق، كما حدث عندما خضع الرئيس الأميركي بيل كلينتون للتحقيق من المدعي العام في قضية مونيكا لوينسكي. ويمكن أن يخضع للمساءلة في أي وقت، كما خضع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت للتحقيق بتهم الفساد، وكما خضع الرئيس الإسرائيلي الأسبق موشى قصاب بتهمة الاغتصاب وتمت إدانته والحكم عليه بالسجن سبع سنوات.

بعض الأنظمة يمارس مع الشعوب لعبة التخويف، فيخوف الخارج بـ"بعبع" الإخوان، ويقول "أنا أم الإخوان؟" فيرد الخارج "أنت"، ويخوف الداخل بـ"بعدم الإستقرار" ويقول "أنا أم الفوضى" فيرد الشعب "أنت"...

في العالم العربي الديموقراطية شكلية، كإعلانات الوظائف التي تعلن الصحف عنها كإجراء شكلي قانوني، وعندما يذهب الحالمون بالوظيفة يكتشفون أن الوظيفة أخذها الغراب ـ قريب المدير ـ وطار، حتى قبل نشر الإعلان.

حتى عندما حاولت بعض الأنظمة أن تجاري المطالب بالتعددية، وأباحت انتخاب الرئيس من بين عدة مرشحين، فإن أصحاب الفكرة ضيقوا الدائرة حتى تؤدي إلى النتيجة نفسها، فأباحوا فقط إمكانية الترشح لرؤساء الأحزاب، وباشتراطات محددة، والأحزاب في الحقيقة كيانات شكلية تدخل في دائرة الديكور، ولا وجود لها على الأرض، ومنع المستقلون وهم أغلبية الشعب من الترشح.

ولا أدري أي مباراة يلاكم اللاعب فيها نفسه في الحلبة، وأي منافسة تلك التي يمثل فيها اللاعب دور اللاعب، والخصم، والحكم.

متى يستنشق العربي هواء الحرية، ويصبح منصب رئيس الجمهورية حلما من حق الجميع، رياح الحرية تهب، وقد بدأت ملامحها تظهر في بعض الدول، فإذا لم نسايرها فسوف تقتلعنا من الأرض.

تاريخ الإضافة: 2014-04-04 تعليق: 0 عدد المشاهدات :957
1      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات