تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      

الليلة صافية. استيقظ مبكرا كعادتي، افتح باب الشرفة لأستنشق هواءً لم يلوث بعد، استمع إلى جلبة من بعيد، وألمح وجوها أعرفها جيداً، يغمرني الحنين إلى شيء جميل اسمه الوطن.
طوال رحلتي كنت أفتقد شيئاً ما، كنت أبحث عنه، إنها مصر الوطن وحرق الأسئلة، كنت أبحث عن مصر، في الوجوه والمحلات والعناوين الباردة، في ثقافة هذا الشعب وأفكاره، باختصار كانت رحلتي أشبه باستفتاء من أجل مصر، تماما مثل الاستبيان الذي تعده الجريدة،  وتنشره،  وتطلب من القراء المشاركة فيه لكي يساعدهم ذلك على التطوير، وكما يقول الشاعر (وفي الليلة الظلماء يفتقد البدرُ).
 في إحدى زيارات سيدة الغناء العربي أم كلثوم لباريس سألها أحد الصحفيين عما أعجبها في باريس، قالت أم كلثوم "المسلة المصرية في باريس"، هكذا هم المصريون دائماً يحبون وطنهم،  ويرتبطون به ارتبطاً روحياً وثيقاً.  قال لي أحد الأصدقاء السعوديين "إنني أحسدكم على شيء مهم ، وهو حبكم لوطنكم".
وكنت أخشى أن لا أجدها، ولكني وجدتها، فليس هناك من لا يعرف مصر الحضارة والتاريخ، ولكن التفاصيل بالطبع ليست مكتملة عند الكثيرين، وكلمة مصر بالنسب للدنماركيين مرتبطة فقط بالأهرامات، فالكل يعرف أهرامات الجيزة إحدى عجائب الدنيا السبع التي بناها المصريون القدماء،  وظلت أكثر من سبعة آلاف عام،  وستظل تقاوم الزمن لتسجل للتاريخ عظمة هذا الشعب،  وقدرته على الإبداع.
لذلك فإن عدداً كبيراً من المواطنين هنا إما زاروا مصر،  أو يتطلعون لزيارتها، وإذا سألت عن حركة السياحة الدنماركية إلى مصر ستكتشف إنها جيدة ، وتنمو باستمرار، فالشباب الدنماركي عندما يفكر في السياحة،  فإن مصر تكون غالباً في أول القائمة؛ لأن سحر الشرق وتاريخه وحضارته مقوم هام للجذب السياحي.
وفي حواراتي مع المواطنين عرفت الكثير من الآراء حول مصر، بعضها إيجابي وبعضها سلبي، وإن كانت الآراء الإيجابية أكثر .. ، على سبيل المثال قال لي شباب يدرس في الجامعة "إنه يحب مصر،  ويقدر دورها السياسي في العالم ، ويقدر الجهود التي تقوم بها لتنمية الاقتصاد والمجتمع:".
سيدة دانماركية متزوجة من مصري، وتزور مصر هي وزوجها كل عام قالت لي "إنها لا تحب في مصر إلا القاهرة والإسكندرية فقط،  أما الأقاليم فتكرهها – هكذا بالتعبير نفسه-، والسبب أن المصريين بها يشيرون عليها،  ويمطرونها بتعليقاتهم ومعاكساتهم، والسبب لون شعرها الأصفر، ورغم ذلك ستوافق على اقتراح زوجها بشراء شقة في القاهرة،  والاستقرار بها".
لاعب كرة شاب يعرف مصر، ولكنه لم يزرها من قبل،  ويأمل أن تسنح له الفرصة في إجارته المقبل لزيارتها، سيدة أخرى متزوجة من شاب مصري،  ولها منه ابنة جميلة، حدثتني أنها حضرت أحد الأفراح المصرية، واندهش لحجم الضوضاء الناتجة عن هذا الحفل، الموسيقي الصاخبة،  والغناء المرتفع، والعزف الذي يصم الآذان، حتى أنها اضطرت للانسحاب من الفرح خوفاً على ابنتها الصغيرة من الضجيج، وقالت لي : "لماذا يفرح المصريون بهذه الضجة، ألا يمكن أن يفرحوا بهدوء"، ورغم غضب أسرة الزوج في البداية لمغادرتها الحفل، إلا أنهم تفهموا بعد ذلك السبب.
قالت لي سيدة أخرى : "إن نظام الحكم في مصر سيئ لا يراعي ظروف الشعب ومتطلباته" ، وهذا في رأيها السر في المعاناة الاقتصادية التي نعاني منها، احترمت رأيها وقلت لها: "عدد سكان مصر سبعون مليون نسمة، وهو عدد كاف لتحطيم أي خطة وأي إنجاز" ، وأردفت قائلاً: "تصوري لو أن شعبكم هذا،  وعدد سكانه الآن خمسة ملايين أصبح فجأة سبعين مليوناً ماذا يحدث ..؟، سيتحول هذا البلد الجميل إلى فوضى .. أليس كذلك؟"، نظرت إلى وحركت رأسها بشكل يوضح عدم اقتناعها.
والعلاقات المصرية الدنماركية علاقات متميزة، فالدنمارك تنظر إلى مصر كبلد عريق ضارب بجذوره في الأصالة والتاريخ، ومصر كذلك تنظر إلى الدنمارك كإحدى البلدان المتقدمة المستقرة المتمتعة بخلفية حضارية كبيرة، وبين البلدين عدد من اتفاقيات التعاون في كثير من المجالات.
ومن هذه الاتفاقيات مذكرة التفاهم التي وقعتها مصر مع الدنمارك، ويتم بمقتضاها تقدم الوكالة الدنماركية للتنمية "دانيدا" منحة لا ترد لمصر تبلغ 230 مليون كرونا أي ما يعادل 115 مليون جنية مصري لتمويل برنامج دعم قطاع الطاقة في مصر للسنوات المقبلة، وهناك عدد من الجمعيات والهيئات التي تعني بتنشيط التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين منها "جمعية الأعمال الأسكندنافية".
والأمير هنريك فيليب زوج الملكة من المحبين لمصر، وهو دائم التردد عليها لممارسة رياضيته المفضلة،  وهي قيادة القوارب الشراعية، وأحيانا يرافقه في هذه الزيارات رجل الأعمال المصري عنان الجلالي، وقد قام الأمير برعاية عدد من المسابقات الدولية لهذه الرياضية في مصر كان آخرها مسابقة أقيمت في شرم الشيخ، وقد نجحت هذه المسابقات في لفت انتباه المصريين لهذه الرياضية الجميلة، وهو أيضاً عاشق للآثار المصرية.
 في زيارته الأخيرة لمنطقة آثار الجيزة قال الأمير : "رغم أن زيارتي هذه هي العاشرة للمنطقة، إلا أنني اكتشف جديداً في كل مرة، خاصةً الحفائر والاكتشافات الجديدة"، وعن الأهرامات قال: "الأهرامات صديقة قديمة لي، أشعر بالسعادة كلما تأمل عظمتها"، وأشار ضاحكاً"ربما تعود صداقتنا إلى أكثر من سبعة آلاف عام".
وينظر المصريون إلى الدنمارك كبلد حضاري لم يلوث، يتمتع بكل مقومات الحضارة والتقدم، ويقارنها بعضهم بأمريكا مؤكدين على أنها الأفضل، ويعتز الدنماركيون ببلدهم إلى حد كبير، اعترضت "أنَّا" وهي فتاة دنماركية على وصفي لأمريكا بـ  " أرض الأحلام" ، وقالت: "الدنمارك أفضل من الولايات المتحدة الأميركية  في كثير من الأشياء".
وللدنماركيين سجل كبير في دعم حقوق الإنسان، فهم شعب يؤمن بقضية الإنسان، ويرفض كل أشكال الظلم والتعسف، وفي عام 2001 أشار استطلاع للرأي إلى أن 56% من العينة المشاركة في الاستطلاع يطالبون الحكومة الدنماركية برفض قبول أوراق اعتماد السفير الإسرائيلي الجديد لدى الدنمارك، وكان السفير الإسرائيلي الجديد هو كرمي غلبون رئيساً لجهاز المخابرات الإسرائيلية، وله سجل أسود في تعذيب المعتقلين الفلسطينيين، وقتل أثناء رئاسته لهذا الجهاز أعداد كبيرة من الفلسطينيين تحت التعذيب.
وكانت "المنظمة الدنماركية لإعادة تأهيل الأسى السياسيين الذين يتعرضون للتعذيب في بلاد العالم" قد هاجمت تعيين غليون سفيراً لإسرائيل في الدنمارك للأسباب نفسها .. وهي سجله الأسود في تعذيب وقتل الفلسطينيين.

تاريخ الإضافة: 2014-04-21 تعليق: 0 عدد المشاهدات :763
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات